وآله لعلى عليه السلام، وتقريبه واختصاصه، فأحدث ذلك حسدا له وغبطة في نفس أبى بكر عنه، وهو أبوها، وفى نفس طلحة وهو ابن عمها، وهي تجلس إليهما، وتسمع كلامهما، وهما يجلسان إليها ويحادثانها، فأعدي إليها منهما كما أعدتهما.
قال: ولست أبرئ عليا عليه السلام من مثل ذلك، فإنه كان ينفس على أبى بكر سكون النبي صلى الله عليه وآله إليه وثناءه عليه، ويحب أن ينفرد هو بهذه المزايا والخصائص دونه ودون الناس أجمعين، ومن انحرف عن إنسان انحرف عن أهله وأولاده، فتأكدت البغضة بين هذين الفريقين. ثم كان من أمر القذف ما كان، ولم يكن علي عليه السلام من القاذفين، ولكنه كان من المشيرين على رسول الله صلى الله عليه وآله بطلاقها، تنزيها لعرضه عن أقوال الشنأة والمنافقين.
قال له لما استشاره: إن هي إلا شسع نعلك، وقال له: سل الخادم وخوفها وإن أقامت على الجحود فاضربها. وبلغ عائشة هذا الكلام كله، وسمعت أضعافه مما جرت عادة الناس أن يتداولوه في مثل هذه الواقعة، ونقل النساء إليها كلاما كثيرا عن علي وفاطمة، وأنهما قد أظهرا الشماتة جهارا وسرا بوقوع هذه الحادثة لها، فتفاقم الامر وغلظ.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله صالحها ورجع إليها، ونزل القرآن ببراءتها، فكان منها ما يكون من الانسان ينتصر بعد أن قهر، ويستظهر بعد أن غلب، ويبرأ بعد أن أتهم، من بسط اللسان، وفلتات القول، وبلغ ذلك كله عليا عليه السلام وفاطمة عليها السلام، فاشتدت الحال، وغلظت، وطوى كل من الفريقين قلبه على الشنآن لصاحبه، ثم كان بينها وبين علي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله أحوال وأقوال، كلها تقتضي تهييج ما في النفوس، نحو قولها له وقد استدناه رسول الله، فجاء حتى قعد بينه