الشرح:
قد كان عليه السلام يتكلم في الفتنة ولذلك ذكر الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ولذلك قال: " فعليكم بكتاب الله " أي إذا وقع الامر واختلط الناس، فعليكم بكتاب الله فلذلك، قام إليه من سأله عن الفتنة، وهذا الخبر مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قد رواه كثير من المحدثين عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: " إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين، كما كتب على جهاد المشركين "، قال:
فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي كتب على فيها الجهاد؟ قال: قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، وهم مخالفون للسنة. فقلت: يا رسول الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟ قال: على الاحداث في الدين، ومخالفة الامر، فقلت: يا رسول الله، إنك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله أن يعجلها لي بين يديك، قال: فمن قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين! أما إني وعدتك الشهادة وستستشهد، تضرب على هذه فتخضب هذه، فكيف صبرك إذا! قلت: يا رسول الله، ليس ذا بموطن صبر، هذا موطن شكر قال: أجل أصبت فأعد للخصومة فإنك مخاصم فقلت: يا رسول الله، لو بينت لي قليلا! فقال:
إن أمتي ستفتن من بعدي، فتتأول القرآن وتعمل بالرأي. وتستحل الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية، والربا بالبيع، وتحرف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة الضلال، فكن جليس بيتك حتى تقلدها فإذا قلدتها جاشت عليك الصدور، وقلبت لك الأمور، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى. فقلت:
يا رسول الله، فبأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك؟ أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردة؟
فقال: بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل. فقلت: يا رسول الله، أيدركهم العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا فتح وبنا يختم، وبنا ألف الله بين القلوب