حتى إذا قاربه طعنه وهو دارع فألقاه إلى الأرض، ومنع الدرع السنان أن يصل إليه، فاتقاه بسر بعورته، وقصد أن يكشفها، يستدفع بأسه، فانصرف عنه عليه السلام مستدبرا له فعرفه الأشتر حين سقط فقال: يا أمير المؤمنين، هذا بسر بن أرطاة، هذا عدو الله وعدوك، فقال: دعه عليه لعنة الله، أبعد أن فعلها! فحمل ابن عم بسر من أهل الشام، شاب، على علي عليه السلام، وقال:
أرديت بسرا والغلام ثأئره * أرديت شيخا غاب عنه ناصره * وكلنا حام لبسر واتره * فلم يلتفت إليه علي عليه السلام، وتلقاه الأشتر فقال له:
في كل يوم رجل شيخ شاغره * وعورة وسط العجاج ظاهره تبرزها طعنة كف واتره * عمرو وبسر منيا بالفاقره.
فطعنه الأشتر، فكسر صلبه، وقام بسر من طعنة علي عليه السلام موليا، وفرت خيله، وناداه علي عليه السلام: يا بسر، معاوية كان أحق بها منك، فرجع بسر إلى معاوية فقال له معاوية: أرفع طرفك، فقد أدال الله عمرا منك، وقال الشاعر في ذلك:
أفي كل يوم فارس تندبونه * له عورة تحت العجاجة باديه يكف بها عنه على سنانه * ويضحك منها في الخلاء معاوية بدت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذيه فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا * سبيلكما، لا تلقيا الليث ثانيه ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما * هما كانتا للنفس والله واقيه فلولاهما لم تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها عن العود ناهيه