شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٩٣
لأحببت إلا أزايله ولا يزايلني حتى أقتله، أو يلحقني بك. ثم نزل إليه، فقال: رحمك الله يا عبد الله [والله] (1) إن كان جارك ليأمن بوائقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا. أوصني رحمك الله. قال: أوصيك بتقوى الله، وأن تناصح أمير المؤمنين، وتقاتل معه حتى يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أمير المؤمنين عنى السلام، وقل له: قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره، كان الغالب.
ثم لم يلبث أن مات.
فأقبل أبو الأسود إلى علي عليه السلام، فأخبره، فقال: رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في الوفاة (2).
قال نصر: وقد روى نحو هذا عن عبد الرحمن بن كلدة حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بحر، عن عبد الرحمن بن حاطب، قال: خرجت ألتمس أخي سويدا في قتلى صفين، فإذا رجل صريع في القتلى، قد أخذ بثوبي فالتفت، فإذا هو عبد الرحمن ابن كلدة، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! هل لك في الماء ومعي (3) إداوة؟ فقال:
لا حاجة لي فيه، قد أنفذ في السلاح وخرقني، فلست أقدر على الشراب، هل أنت مبلغ عنى أمير المؤمنين رسالة أرسلك بها؟ قلت: نعم، قال: إذا رأيته فاقرأ عليه السلام، وقل له: يا أمير المؤمنين، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء ظهرك، فإن الغلبة لمن فعل ذلك، ثم لم أبرح حتى مات. فخرجت حتى أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت له: إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام، قال وأين هو؟ قلت: وجدته وقد أنفذه السلاح وخرقة، فلم يستطع شرب الماء، ولم أبرح حتى مات. فاسترجع عليه السلام، فقلت: قد أرسلني إليك برسالة، قال: وما هي؟ قلت: إنه يقول: أحمل جرحاك

(1) من صفين.
(2) صفين 520، 521.
(3) الإداوة: إناء صغير من جلد، ويجمع على أداوى.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303