لأحببت إلا أزايله ولا يزايلني حتى أقتله، أو يلحقني بك. ثم نزل إليه، فقال: رحمك الله يا عبد الله [والله] (1) إن كان جارك ليأمن بوائقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا. أوصني رحمك الله. قال: أوصيك بتقوى الله، وأن تناصح أمير المؤمنين، وتقاتل معه حتى يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أمير المؤمنين عنى السلام، وقل له: قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره، كان الغالب.
ثم لم يلبث أن مات.
فأقبل أبو الأسود إلى علي عليه السلام، فأخبره، فقال: رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في الوفاة (2).
قال نصر: وقد روى نحو هذا عن عبد الرحمن بن كلدة حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بحر، عن عبد الرحمن بن حاطب، قال: خرجت ألتمس أخي سويدا في قتلى صفين، فإذا رجل صريع في القتلى، قد أخذ بثوبي فالتفت، فإذا هو عبد الرحمن ابن كلدة، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! هل لك في الماء ومعي (3) إداوة؟ فقال:
لا حاجة لي فيه، قد أنفذ في السلاح وخرقني، فلست أقدر على الشراب، هل أنت مبلغ عنى أمير المؤمنين رسالة أرسلك بها؟ قلت: نعم، قال: إذا رأيته فاقرأ عليه السلام، وقل له: يا أمير المؤمنين، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء ظهرك، فإن الغلبة لمن فعل ذلك، ثم لم أبرح حتى مات. فخرجت حتى أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت له: إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام، قال وأين هو؟ قلت: وجدته وقد أنفذه السلاح وخرقة، فلم يستطع شرب الماء، ولم أبرح حتى مات. فاسترجع عليه السلام، فقلت: قد أرسلني إليك برسالة، قال: وما هي؟ قلت: إنه يقول: أحمل جرحاك