فقال عتبه بن أبي سفيان الهوا عن هذا، فإني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة، فقال معاوية: بخ بخ! قومه بنو مخزوم، وأمه أم هانئ بنت أبي طالب كفء كريم.
وكثر العتاب والخصام بين القوم، حتى أغلظوا لمروان وأغلظ لهم، فقال مروان:
أما والله لولا ما كان منى إلى علي عليه السلام في أيام عثمان، ومشهدي بالبصرة، لكان لي في علي رأى يكفي امرأ ذا حسب ودين، ولكن ولعل. ونابذ معاوية الوليد بن عقبة [دون القوم] (1)، فأغلظ له الوليد فقال معاوية. إنك إنما تجترئ على بنسبك من عثمان، ولقد ضربك الحد وعزلك عن الكوفة.
ثم إنهم ما أمسوا حتى اصطلحوا، وأرضاهم معاوية من نفسه، ووصلهم بأموال جليلة.
وبعث معاوية إلى عتبة، فقال: ما أنت صانع في جعدة! قال: ألقاه اليوم وأقاتله غدا، وكان لجعدة في قريش شرف عظيم، وكان له لسان، وكان من أحب الناس إلى علي عليه السلام، فغدا عليه عتبة فنادى: أبا جعدة أبا جعدة! فاستأذن عليا عليه السلام في الخروج إليه، فأذن له، واجتمع الناس، فقال عتبة: يا جعدة، والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك عامل البحرين، وإنا والله ما نزعم إن معاوية أحق بالخلافة من على، لولا أمره في عثمان، ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به، فاعفوا لنا عنها فوالله ما بالشام رجل به طرق (2) إلا وهو أجد من معاوية في القتال، وليس بالعراق رجل له مثل جد على في الحرب، ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم، وما أقبح بعلي أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس، بالناس حتى إذا أصاب سلطانا أفنى العرب. فقال جعدة: أما حبى لخالي، فلو كان لك خال مثله لنسيت أباك، وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره، والجهاد أحب إلى من العمل، وأما فضل على على معاوية،