شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٩٤
إلى عسكرك، وأجعلهم وراء ظهرك، فإن الغلبة لمن فعل ذلك، فقال: صدق فنادى مناديه في العسكر أن احملوا جرحاكم من بين القتلى إلى معسكركم، ففعلوا (1) قال نصر: وحدثني عمرو بن شمر، عن جابر، عن عامر، عن صعصعة بن صوحان، أن أبرهة بن الصباح الحميري قام بصفين، فقال: ويحكم يا معشر أهل اليمن! إني لأظن الله قد أذن بفنائكم! ويحكم خلوا بين الرجلين، فليقتتلا، فأيهما قتل صاحبه ملنا معه جميعا - وكان أبرهة من رؤساء أصحاب معاوية - فبلغ قوله عليا عليه السلام فقال:
صدق أبرهة! والله ما سمعت بخطبة منذ وردت الشام أنا بها أشد سرورا منى بهذه الخطبة!
قال: وبلغ معاوية كلام أبرهة فتأخر آخر الصفوف وقال لمن حوله: إني لأظن أبرهة مصابا في عقله. فأقبل أهل الشام يقولون والله إن أبرهة لأكملنا دينا وعقلا، ورأيا وبأسا، ولكن الأمير (2) كره مبارزة على، وسمع ما دار من الكلام أبو داود عروة ابن داود العامري - وكان من فرسان معاوية - فقال: إن كان معاوية كره مبارزة أبى حسن، فأنا أبارزه، ثم خرج بين الصفين، فنادى: أنا أبو داود فأبرز إلى يا أبا حسن، فتقدم علي عليه السلام نحوه، فناداه الناس: ارجع يا أمير المؤمنين عن هذا الكلب فليس لك بخطر، فقال: والله ما معاوية اليوم بأغيظ لي منه، دعوني وإياه ثم حمل عليه فضربه فقطعه قطعتين، سقطت إحداهما يمنية والأخرى شامية فارتج العسكران لهول الضربة، وصرخ ابن عم لأبي داود: وا سوء صباحاه! وقبح الله البقاء بعد أبي داود! وحمل على علي عليه السلام، فطعنه فضرب الرمح فبراه، ثم قنعه ضربة فألحقه بأبي داود، ومعاوية

(1) صفين 488، 449.
(2) صفين: " معاوية ".
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303