إلى عسكرك، وأجعلهم وراء ظهرك، فإن الغلبة لمن فعل ذلك، فقال: صدق فنادى مناديه في العسكر أن احملوا جرحاكم من بين القتلى إلى معسكركم، ففعلوا (1) قال نصر: وحدثني عمرو بن شمر، عن جابر، عن عامر، عن صعصعة بن صوحان، أن أبرهة بن الصباح الحميري قام بصفين، فقال: ويحكم يا معشر أهل اليمن! إني لأظن الله قد أذن بفنائكم! ويحكم خلوا بين الرجلين، فليقتتلا، فأيهما قتل صاحبه ملنا معه جميعا - وكان أبرهة من رؤساء أصحاب معاوية - فبلغ قوله عليا عليه السلام فقال:
صدق أبرهة! والله ما سمعت بخطبة منذ وردت الشام أنا بها أشد سرورا منى بهذه الخطبة!
قال: وبلغ معاوية كلام أبرهة فتأخر آخر الصفوف وقال لمن حوله: إني لأظن أبرهة مصابا في عقله. فأقبل أهل الشام يقولون والله إن أبرهة لأكملنا دينا وعقلا، ورأيا وبأسا، ولكن الأمير (2) كره مبارزة على، وسمع ما دار من الكلام أبو داود عروة ابن داود العامري - وكان من فرسان معاوية - فقال: إن كان معاوية كره مبارزة أبى حسن، فأنا أبارزه، ثم خرج بين الصفين، فنادى: أنا أبو داود فأبرز إلى يا أبا حسن، فتقدم علي عليه السلام نحوه، فناداه الناس: ارجع يا أمير المؤمنين عن هذا الكلب فليس لك بخطر، فقال: والله ما معاوية اليوم بأغيظ لي منه، دعوني وإياه ثم حمل عليه فضربه فقطعه قطعتين، سقطت إحداهما يمنية والأخرى شامية فارتج العسكران لهول الضربة، وصرخ ابن عم لأبي داود: وا سوء صباحاه! وقبح الله البقاء بعد أبي داود! وحمل على علي عليه السلام، فطعنه فضرب الرمح فبراه، ثم قنعه ضربة فألحقه بأبي داود، ومعاوية