فهذا ما لا يختلف فيه اثنان. وأما رضاكم اليوم بالشام، فقد رضيتم بها أمس فلم نقبل.
وأما قولك: " ليس بالشام أحد إلا وهو أجد من معاوية وليس بالعراق رجل مثل جد على: فهكذا ينبغي أن يكون، مضى بعلي يقينه، وقصر بمعاوية شكة، وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل. وأما قولك: نحن أطوع لمعاوية منكم لعلى فوالله ما نسأله أن سكت، ولا نرد عليه إن قال. وأما قتل العرب، فإن الله كتب القتل والقتال، فمن قتله الحق فإلى الله.
فغضب عتبة، وفحش على جعدة فلم يجبه.
وأعرض عنه. فلما انصرف عنه. جمع خيله فلم يستبق [منها] (1) شيئا، وجل أصحابه السكون والأزد والصدف وتهيأ جعدة بما استطاع، والتقوا، فصبر القوم جميعا، وباشر جعدة يومئذ القتال بنفسه، وجزع عتبة، فأسلم خيله وأسرع هاربا إلى معاوية، فقال له: فضحك جعدة وهزمتك لا تغسل رأسك منها أبدا. فقال: والله لقد أعذرت، ولكن أبى الله أن يديلنا منهم، فما أصنع! وحظي جعدة بعدها عند علي عليه السلام.
وقال النجاشي فيما كان من فحش عتبة على جعدة:
إن شتم الكريم يا عتب خطب * فاعلمنه من الخطوب عظيم أمه أم هانئ وأبوه * من معد ومن لؤي صميم ذاك منها هبيرة بن أبي وهب أقرت بفضله مخزوم كان في حربكم يعد بألف * حين يلقى بها القروم القروم وابنه جعدة الخليفة منه * هكذا تنبت الفروع الأروم (2)