شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٨٥
فارس من أهل الشام إلا قيل قتله الأنصار، أما والله لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ولأرمينهم بأعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل (1)، يقولون: نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا، ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم!
فغضب النعمان، وقال: يا معاوية لا تلومن الأنصار في حب الحرب والسرعة (2) نحوها فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية. وأما دعاؤهم إلى النزال (3) فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يفعلون ذلك كثيرا. وأما لقاؤك إياهم في أعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم قديما، فإن أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفا فافعل.
وأما التمر والطفيشل، فإن التمر كان لنا فلما (4) ذقتموه شاركتمونا فيه. وأما الطفيشل، فكان لليهود، فلما أكلناه غلبناهم عليه، كما غلبت قريش على السخينة (5).
ثم تكلم مسلمة بن مخلد، فقال: يا معاوية، إن الأنصار لا تعاب أحسابها ولا نجداتها.
وأما غمهم إياك فقد والله غمونا، ولو رضينا ما فارقونا ولا فارقنا جماعتهم، وإن في ذلك ما فيه من مباينة العشيرة، ولكنا حملنا ذلك لك، ورجونا منك عوضه. وأما التمر والطفيشل، فإنهما يجران عليك السخينة والخرنوب.
قال: وانتهى هذا الكلام إلى الأنصار، فجمع قيس بن سعد الأنصار، ثم قام فيهم خطيبا فقال إن معاوية قال ما بلغكم، وأجابه عنكم صاحباكم، ولعمري إن غظتم

(1) الطفيشل، بوزن سميدع، ذكره صاحب. القاموس وقال: إنه نوع من المرق.
(2) صفين: " بسرعتهم في الحرب ".
(3) صفين: " فأما دعاؤهم الله ".
(4) صفين: " فلما أن ذقتموه ".
(5) في اللسان: " السخينة: دقيق يلقى على ماء أو لبن فيطبخ ثم يؤكل بتمر أو يحسى، وهو الحساء... وفى حديث معاوية أنه مازح الأحنف بن قيس فقال: ما الشئ الملفف في البجاد؟ قال: هو السخينة يا أمير المؤمنين. والملف في البجاد وطب اللبن يلف فيه ليحمي ويدرك، وكانت تميم تعير به،.
والسخينة: الحساء المذكور يؤكل في الجدب، وكانت قريش تعير بها ".
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303