فارس من أهل الشام إلا قيل قتله الأنصار، أما والله لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ولأرمينهم بأعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل (1)، يقولون: نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا، ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم!
فغضب النعمان، وقال: يا معاوية لا تلومن الأنصار في حب الحرب والسرعة (2) نحوها فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية. وأما دعاؤهم إلى النزال (3) فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يفعلون ذلك كثيرا. وأما لقاؤك إياهم في أعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم قديما، فإن أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفا فافعل.
وأما التمر والطفيشل، فإن التمر كان لنا فلما (4) ذقتموه شاركتمونا فيه. وأما الطفيشل، فكان لليهود، فلما أكلناه غلبناهم عليه، كما غلبت قريش على السخينة (5).
ثم تكلم مسلمة بن مخلد، فقال: يا معاوية، إن الأنصار لا تعاب أحسابها ولا نجداتها.
وأما غمهم إياك فقد والله غمونا، ولو رضينا ما فارقونا ولا فارقنا جماعتهم، وإن في ذلك ما فيه من مباينة العشيرة، ولكنا حملنا ذلك لك، ورجونا منك عوضه. وأما التمر والطفيشل، فإنهما يجران عليك السخينة والخرنوب.
قال: وانتهى هذا الكلام إلى الأنصار، فجمع قيس بن سعد الأنصار، ثم قام فيهم خطيبا فقال إن معاوية قال ما بلغكم، وأجابه عنكم صاحباكم، ولعمري إن غظتم