شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٠٥
فإن قلت: إنه عليه السلام لم يقل هكذا، وإنما قال: إذا حكم بالصدق في كتاب الله، فنحن أولى به، وإذا حكم بالسنة فنحن أحق بها!
قلت: إنه رفع نفسه عليه السلام أن يصرح بذكر الخلافة فكنى عنها وقال نحن:
إذا حكم بالكتاب والسنة أولى بالكتاب والسنة، ويلزم من كونه أولى بالكتاب والسنة من جميع الناس أن يكون أولى بالخلافة من جميع الناس، فدل على ما كنى عنه بالامر المستلزم له.
فإن قلت إذا كان الرجال الذين يترجمون القرآن ويفسرونه وقد كلفوا أن يحكموا في واقعة أهل العراق وأهل الشام، بما يدلهم القرآن عليه، يجوز أن يختلفوا في تفسير القرآن وتأويله، فيدعى صاحب أهل العراق من تفسيره ما يستدل به على مراده، ويدعى وكيل أهل الشام ما يقابل ذلك ويناقضه، بطريق الشبهة التي تمسكوا بها من دم عثمان، ومن كون الاجماع لم يحصل على بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، احتاج الحكمان حينئذ إلى أن يحكم بينهما حكمان آخران، والقول فيهما كالقول في الأول إلى مالا نهاية له وإنما كان يكون التحكيم قاطعا للشغب لو كان القرآن ينص بالصريح الذي لا تأويل فيه، أما على أمير المؤمنين عليه السلام وإما على معاوية، ولا نص صريح فيه، بل الذي فيه يحتمل التأويل والتجاذب فما الذي يفيد التحكيم والحال تعود لا محالة جذعة!
قلت: لو تأمل الحكمان الكتاب حق التأمل، لوجدا فيه النص الصريح على صحة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، لان فيه النص الصريح على أن الاجماع حجة، ومعاوية لم يكن مخالفا في هذه المقدمة ولا أهل الشام، وإذا كان الاجماع حجة، فقد وقع الاجماع لما توفى رسول الله صلى الله عليه وآله، على أن اختيار خمسة من صلحاء المسلمين لواحد منهم وبيعته توجب لزوم طاعته وصحة خلافته، وقد بايع أمير المؤمنين عليه السلام خمسة من
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303