شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٩٠
ابن جدير وأبوه المنذر * أدن، فإني في البراز قسور (1) فاطعنا، فصرعه العكبر وقتله، ومعاوية على التل في وجوه قريش ونفر قليل من الناس، فوجه العكبر فرسه، يملأ (2) فروجه ركضا، ويضربه بالسوط مسرعا نحو التل.
فنظر معاوية إليه فقال: هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن، فاسألوه، فأتاه رجل وهو في حمو فرسه، فناداه فلم يجبه ومضى مبادرا، حتى انتهى إلى معاوية، فجعل يطعن في أعراض الخيل، ورجا أن ينفرد بمعاوية فيقتله، فاستقبله رجال، قتل منهم قوما، وحال الباقون بينه وبين معاوية بسيوفهم ورماحهم، فلما لم يصل إليه قال: أولى لك يا بن هند (3)!
أنا الغلام الأسدي ورجع إلى صف العراق ولم يكلم، فقال له علي عليه السلام: ما دعاك إلى ما صنعت؟ لا تلق نفسك إلى التهلكة، قال: يا أمير المؤمنين، أردت غرة ابن هند فحيل بيني وبينه، وكان العكبر شاعرا فقال:
قتلت المرادي الذي كان باغيا * ينادى وقد ثار العجاج نزال يقول أنا عوف بن مجزاة والمنى * لقاء ابن مجزاة بيوم قتال فقلت له لما علا القوم صوته * منيت بمشبوح اليدين طوال (4) فأوجرته في ملتقى الحرب صعدة * ملأت بها رعبا صدور رجال (5)

(١) صفين: " فإني للكمى مصحر "، والمصحر: المنكشف لقرنه.
(٢) صفين: " فملأ فروجه "، يقال: ملا الفرس فرجه وفروجه، إذا أسرع، والفرج:
ما بين فخذي الفرس ورجليها.
(٣) أولى لك، كلمة تهدد ووعيد، معناه قد وليك، أي قاربك الشر فاحذر. وقيل: أولاك الله ما تكرهه، وقيل: معناه أولى لك العقاب والهلاك.
(٤) رجل مشبوح الذراعين، أي عريضهما، وفى النهاية: في صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان مشبوح الذراعين، أي طويلهما، وقيل: عريضهما، وفى رواية: " كان شبح الدراعين "، والشبح: مد الشئ بأوتاد كالجلد والحبل، وشبحت العود إذا نحته حتى تعرضه ".
(5) يقال: أوجر فلانا الرمح طعنه به في فيه، وقيل في صدره. والصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303