شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٨٩
منطيقا فقال يا أمير المؤمنين، إن في أيدينا عهدا من الله لا نحتاج فيه إلى الناس، قد ظننا بأهل الشام الصبر (١) وظنوا بنا، فصبرنا وصبروا، وقد عجبت من صبر أهل الدنيا [لأهل الآخرة، وصبر أهل الحق على أهل الباطل ورغبة أهل الدنيا (٢)] (٣ ثم قرأت آية من كتاب الله فعلمت أنهم مفتونون ٣): ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ (4). فقال له عليه السلام خيرا. وخرج الناس إلى مصافهم وخرج عوف ابن مجزأة المرادي نادرا من الناس، وكذا كان يصنع، وقد كان قتل نفرا من أهل العراق مبارزة، فنادى: يا أهل العراق، هل من رجل عصاه سيفه يبارزني! ولا أغركم من نفسي!
أنا عوف بن مجزأة (5). فنادى الناس، بالعكبر، فخرج إليه منقطعا عن أصحابه ليبارزه، فقال عوف: بالشام أمن ليس فيه خوف * بالشام عدل ليس فيه حيف بالشام جود ليس فيه سوف * أنا ابن مجزاة واسمي عوف هل من عراقي عصاه سيف * يبرز لي وكيف لي وكيف!
فقال له العكبر:
الشام محل والعراق ممطر (6) * بها إمام طاهر مطهر (7) والشام فيها أعور ومعور * أنا العراقي واسمي عكبر (8)

(١) صفين: " وظنوه ".
(٢) من صفين.
(٣ - ٣) صفين: " ثم نظرت فإذا أعجب ما يعجبني جهله بآية من كتاب الله ".
(٤) سورة العنكبوت ١ - 3.
(5) صفين: " فأنا فارس زوف "، وزوف أبو قبيلة (6) صفين: " تمطر ".
(7) صفين: بها الامام والامام معذر ".
(8) المعور: القبيح السريرة.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303