شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٢
وذلك في شهر رجب من سنة ثمان عشرة وستمائة، ودخلوا المدينة بالسيف، وقاتلهم الناس في الدروب، وبطل السلاح للازدحام، واقتتلوا بالسكاكين، فقتل من الفريقين ما لا يحصى، وظهر التتار على المسلمين فأفنوهم قتلا، ولم يسلم منهم إلا من كان له نفق في الأرض يستخفى فيه. ثم ألقوا النار في البلد فأحرقوها، ورحلوا إلى مدينة أردبيل وأعمال أذربيجان فملكوا أردبيل، وقتلوا فيها، فأكثروا.
ثم ساروا إلى تبريز، وكان بها شمس الدين عثمان الطغرائي، قد جمع كلمة أهلها بعد مفارقة صاحب أذربيجان أزبك بن البهلوان للبلاد خوفا من التتار ومقامه بنقجوان فقوى الطغرائي نفوس الناس على الامتناع، وحذرهم عاقبة التخاذل، وحصن البلد. فلما وصل التتار، ورأوا اجتماع كلمة المسلمين وحصانة البلد، طلبوا منهم مالا وثيابا، فاستقر الامر بينهم على شئ معلوم، فسيروه إليهم، فلما أخذوه رحلوا إلى بيلقان، فقاتلهم أهلها.
فملكها التتار في شهر رمضان من هذه السنة، ووضعوا فيهم السيف حتى أفنوهم أجمعين.
ثم ساروا إلى مدينة كنجة، وهي أم بلاد أران، وأهلها ذوو شجاعة وبأس وجلد، لمقاومتهم الكرج، وتدربهم بالحرب، فلم يقدر التتار عليهم، وأرسلوا إليهم يطلبون مالا وثيابا، فأرسلوه إليهم، فساروا عنهم، فقصدوا الكرج، وقد أعدوا لهم فلما صافوهم هرب الكرج، وأخذهم السيف فلم يسلم إلا الشريد، ونهبت بلادهم وأخربت ولم يوغل التتار في بلاد الكرج، لكثرة مضايقها ودربنداتها (1)، فقصدوا دربند شروان فحصروا مدينة شماخي، وصعدوا سورها في السلاليم، وملكوا البلد بعد حرب شديد، وقتلوا فيه فأكثروا (2)

(1) الدربند: الباب وانظر معجم البلدان.
(2) ابن الأثير 9: 340.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303