شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣١
ثم توجهوا إلى المراغة في أول سنة ثماني عشرة فملكوها في صفر، وكانت لامرأة من بقايا ملوك المراغة تدبرها هي ووزراؤها فنصبوا عليها المجانيق، وقدموا أسارى المسلمين بين أيديهم وهذه عادتهم يتترسون بهم في الحروب، فيصيبهم حدها، ويسلمون هم من مضرتها، فملكوها عنوة، ووضعوا السيف في أهلها ونهبوا ما يصلح لهم، وأحرقوا ما لا يصلح لهم، وخذل الناس عنهم، حتى كان الواحد منهم يقتل بيده مائة إنسان، والسيوف في أيديهم لا يقدر أحد منهم أن يحرك يده بسيفه نحو ذلك التتري، خذلان صب على الناس، وأمر سمائي اقتضاه.
ثم عادوا إلى همذان، فطالبوا أهلها بمثل المال الذي بذلوه لهم في الدفعة الأولى، فلم يكن في الناس فضل لذلك، لأنه كان عظيما جدا، فقام إلى رئيس همذان جماعة من أهلها، وأسمعوه كلاما غليظا فقالوا: أفقرتنا أولا، وتريد أن تستصفينا دفعة ثانية! ثم لابد للتتار أن يقتلونا فدعنا نجاهدهم بالسيف، ونموت كراما. ثم وثبوا على شحنة كان للتتار بهمذان فقتلوه، واعتصموا بالبلد فحصرهم التتار فيه، فقلت عليهم الميرة، وعدمت الأقوات. وأضر ذلك بأهل همذان، ولم ينل التتار مضرة من عدم القوت، لأنهم لا يأكلون إلا اللحم، والخيل معهم كثيرة ومعهم غنم عظيمه يسوقونها حيث شاءوا وخيلهم لا تأكل الشعير، ولا تأكل إلا نبات الأرض، تحفر بحوافرها الأرض عن العروق، فتأكلها.
فاضطر رئيس همذان وأهلها إلى الخروج إليهم فخرجوا، والتحمت الحرب بينهم أياما وفقد رئيس همذان، هرب في سرب قد كان أعده إلى موضع اعتصم به ظاهر البلد، ولم يعلم حقيقة حاله، فتحير أهل همذان بعد فقده ودخلوا لمدينة، واجتمعت كلمتهم على القتال في قصبه البلد إلى أن يموتوا. وكان التتار قد عزموا على الرحيل عنهم، لكثرة من قتل منهم فلما لم يروا أحدا يخرج إليهم من البلد، طمعوا واستدلوا على ضعف أهله فقصدوهم وقاتلوهم
(٢٣١)
مفاتيح البحث: القتل (3)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303