شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٩
وجملة الامر أن حاله مشتبهة ملتبسة لم يتحقق على يقين وبقى الناس بعد هلاكه نحو سبع سنين ينتظرونه.
ويذهب كثير منهم إلى أنه حي مستتر، إلى أن ثبت عند الناس كافة أنه هلك.
* * * فأما، جرماغون فإنه لما يئس من الظفر بخوارزم شاه، عاد من ساحل البحر إلى مازندران، فملكها في أسرع وقت، مع حصانتها وصعوبة الدخول إليها وامتناع قلاعها، فإنها لم تزل ممتنعه على قديم الوقت، حتى إن المسلمين لما ملكوا بلاد الأكاسرة من العراق إلى أقصى خراسان، بقيت أعمال مازندران بحالها تؤدى الخراج، ولا يقدر المسلمون على دخولها إلى أيام سليمان بن عبد الملك.
ولما ملكت التتار مازندران، قتلوا فيها ونهبوا وسلبوا، ثم سلكوا نحو الري فصادفوا في الطريق والدة خوارزم شاه ونساءه، ومعهن أموال بيت خوارزم شاه وذخائرهم، التي ما لا يسمع بمثلها من الأعلاق النفيسة، وهن قاصدات نحو الري، ليعتصمن ببعض القلاع المنيعة، فاستولى التتار عليهن وعلى ما معهن بأسره، وسيروه كله إلى جنكزخان بسمرقند وصمدوا صمد الري، وقد كان أتصل بهم أن محمدا خوارزم شاه قصدها كما يتسامع الناس بالأراجيف الصحيحة والباطلة، فوصلوها على حين غفلة من أهلها، فلم يشعر بهم عسكر الري إلا وقد ملكوها ونهبوها، وسبوا الحرم، واسترقوا الغلمان، وفعلوا كل قبيح منكر فيها، ولم يقيموا بها، ومضوا مسرعين في طلب خوارزم شاه، فنهبوا في طريقهم ما مروا به من المدن والقرى، وأحرقوا وخربوا، وقتلوا الذكران والإناث، ولم يبقوا على شئ، وقصدوا نحو همذان، فخرج إليهم رئيسها، ومعه أموال جليلة قد جمعها من أهل همذان، عينا وعروضا وخيلا، وطلب منهم الأمان لأهل البلد، فأمنوهم، ولم يعرضوا لهم
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303