شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٧
وتلك الأحواض مشدودة إليها، فكان الفرس يجذب الرجل، والرجل يجذب الحوض، فعبروا كلهم ذلك الماء دفعة واحدة، فلم يشعر خوارزم شاه بهم إلا وهم معه على أرض واحدة، وكان جيشه قد ملئ رعبا منهم، فلم يقدروا على الثبات، فتفرقوا أيدي سبأ، وطلب كل فريق منهم جهة، ورحل خوارزم شاه في نفر من خواصه، لا يلوي على شئ، وقصد نيسابور، فلما دخلها اجتمع عليه بعض عسكره فلم يستقر، حتى وصل جرماغون إليه، وكان لا يتعرض في مسيره بنهب ولا قتل، بل يطوى المنازل طيا، يطلب خوارزم شاه ولا يمهله ليجمع عسكرا، فلما عرف قرب التتار منه، هرب من نيسابور إلى مازندران، فدخلها ورحل جرماغون خلفه، ولم يعرج على نيسابور، بل قصد مازندران (1)، فخرج خوارزم شاه عنها، فكان كلما رحل عن منزل نزله التتار، حتى وصل إلى بحر طبرستان، فنزل هو وأصحابه في سفن، ووصل التتار، فلما عرفوا نزوله البحر، رجعوا وأيسوا منه.
وهؤلاء الذين ملكوا عراق العجم وأذربيجان فأقاموا بناحية تبريز إلى يومنا هذا.
* * * ثم اختلف في أمر خوارزم شاه، فقوم يحكون أنه أقام بقلعة له في بحر طبرستان منيعة، فتوفى بها، وقوم يحكون أنه غرق في البحر، وقوم يحكون أنه غرق ونجا عريانا، فصعد إلى قرية من قرى طبرستان، فعرفه أهلها فجاءوا وقبلوا الأرض بين يديه، وأعلموا عاملهم به، فجاء إليه وخدمه، فقال له خوارزم شاه: أحملني في مركب إلى الهند، فحمله إلى شمس الدين أنليمش ملك الهند، وهو نسيبه من جهة زوجته والدة منكبوني بن خوارزم شاه الملك جلال الدين، فإنها هندية من أهل بيت الملك، فيقال إنه وصل إلى أنليمش، وقد تغير

(1) مازندران: اسم ولاية بطبرستان.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303