وتلك الأحواض مشدودة إليها، فكان الفرس يجذب الرجل، والرجل يجذب الحوض، فعبروا كلهم ذلك الماء دفعة واحدة، فلم يشعر خوارزم شاه بهم إلا وهم معه على أرض واحدة، وكان جيشه قد ملئ رعبا منهم، فلم يقدروا على الثبات، فتفرقوا أيدي سبأ، وطلب كل فريق منهم جهة، ورحل خوارزم شاه في نفر من خواصه، لا يلوي على شئ، وقصد نيسابور، فلما دخلها اجتمع عليه بعض عسكره فلم يستقر، حتى وصل جرماغون إليه، وكان لا يتعرض في مسيره بنهب ولا قتل، بل يطوى المنازل طيا، يطلب خوارزم شاه ولا يمهله ليجمع عسكرا، فلما عرف قرب التتار منه، هرب من نيسابور إلى مازندران، فدخلها ورحل جرماغون خلفه، ولم يعرج على نيسابور، بل قصد مازندران (1)، فخرج خوارزم شاه عنها، فكان كلما رحل عن منزل نزله التتار، حتى وصل إلى بحر طبرستان، فنزل هو وأصحابه في سفن، ووصل التتار، فلما عرفوا نزوله البحر، رجعوا وأيسوا منه.
وهؤلاء الذين ملكوا عراق العجم وأذربيجان فأقاموا بناحية تبريز إلى يومنا هذا.
* * * ثم اختلف في أمر خوارزم شاه، فقوم يحكون أنه أقام بقلعة له في بحر طبرستان منيعة، فتوفى بها، وقوم يحكون أنه غرق في البحر، وقوم يحكون أنه غرق ونجا عريانا، فصعد إلى قرية من قرى طبرستان، فعرفه أهلها فجاءوا وقبلوا الأرض بين يديه، وأعلموا عاملهم به، فجاء إليه وخدمه، فقال له خوارزم شاه: أحملني في مركب إلى الهند، فحمله إلى شمس الدين أنليمش ملك الهند، وهو نسيبه من جهة زوجته والدة منكبوني بن خوارزم شاه الملك جلال الدين، فإنها هندية من أهل بيت الملك، فيقال إنه وصل إلى أنليمش، وقد تغير