شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٥
ثم سير جنكزخان جيشا عظيما مع أحد أولاده إلى مدينة مرو، وبها مائتا الف من المسلمين، فكانت بين التتار وبينهم حروب عظيمة شديدة، صبر فيها المسلمون ثم انهزموا، ودخلوا البلد، وأغلقوا أبوابه فحاصره التتار حصارا طويلا، ثم أمنوا متقدم البلد فلما خرج إليهم في الأمان، خلع عليه ابن جنكزخان وأكرمه، وعاهده ألا يتعرض لأحد من أهل مرو، ففتح الناس الأبواب، فلما تمكنوا منهم استعرضوهم بالسيف عن آخرهم فلم يبقوا منهم باقية، بعد أن استصفوا أرباب الأموال عقيب عذاب شديد عذبوهم به.
ثم ساروا إلى نيسابور، ففعلوا به ما فعلوا بمرو من القتل والاستئصال، ثم عمدوا إلى طوس، فنهبوها وقتلوا أهلها، وأخرجوا المشهد الذي به علي بن موسى الرضا عليه السلام والرشيد هارون بن المهدى، وساروا إلى هراة فحصروها، ثم أمنوا أهلها، فلما فتحوها قتلوا بعضهم وجعلوا على الباقين شحنة فلما بعدوا وثب أهل هراة على الشحنة فقتلوه فعاد عليهم عسكر من التتار، فاستعرضوهم بالسيف، فقتلوهم عن آخرهم.
ثم عادوا إلى طالقان، وبها ملكهم الأكبر جنكزخان، فسير طائفة منهم إلى خوارزم، وجعل فيها مقدم أصحابه وكبراءهم، لان خوارزم حينئذ كانت مدينة الملك، وبها عسكر كثير من الخوارزمية، وعوام البلد معروفون بالبأس والشجاعة، فساروا ووصلوا إليها، فالتقى الفئتان، واقتتلوا أشد قتال سمع به، ودخل المسلمون البلد، وحصرتهم التتار خمسة أشهر، وأرسل التتار إلى جنكزخان يطلبون المدد، فأمدهم بجيش من جيوشه، فلما وصل قويت منتهم به، وزحفوا إلى البلد زحفا متتابعا، فملكوا طرفا منه، وولجوا المدينة، فقاتلهم المسلمون داخل البلد، فلم يكن لهم به طاقة فملكوه وقتلوا كل من فيه، فلما فرغوا منه وقضوا وطرهم من القتل والنهب فتحوا السكر (1) الذي يمنع

(1) السكر، بالكسر: ما سد به النهر.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303