وساروا إلى زنجان، واستباحوها، وإلى قزوين فاعتصم أهلها منهم بقصبه مدينتهم، فدخلوها بالسيف عنوة، وقاتلهم أهلها قتالا شديدا بالسكاكين، وهم معتادون بقتال السكين من حروبهم مع الإسماعيلية، فقتل من الفريقين مالا يحصى. ويقال. إن القتلى بلغت أربعين ألفا من أهل قزوين خاصة.
ثم هجم على التتار البرد الشديد، والثلج المتراكم، فساروا إلى أذربيجان، فنهبوا القرى، وقتلوا من وقف بين أيديهم، وأخربوا وأحرقوا، حتى وصلوا إلى تبريز، وبها صاحب أذربيجان أزبك بن البهلوان بن أيلدكر، فلم يخرج إليهم، ولا حدث نفسه بقتالهم، لاشتغاله بما كان عليه من اللهو وإدمان الشرب ليلا ونهارا. فأرسل إليهم، وصالح لهم على مال وثياب ودواب، وحمل الجميع إليهم، فساروا من عنده يطلبون ساحل البحر، لأنه مشتى صالح لهم والمراعى به كثيرة، فوصلوا إلى موقان، وهي المنزل الذي نزلته الخرمية في أيام المعتصم، وقد ذكره الطائيان في أشعارهما في غير موضع، والناس اليوم يقولون بالغين المعجمة عوض القاف، وقد كانوا تطرقوا في طريقهم بعض أعمال الكرج، فخرج إليهم منهم عشرة آلاف مقاتل، فحاربوهم وهزموهم، وقتلوا أكثرهم.
فلما استقروا بموقان، راسلت الكرج أزبك بن البهلوان في الاتفاق على حربهم، وراسلوا موسى بن أيوب المعروف بالأشرف، وكان صاحب خلاط وأرمينية بمثل ذلك، وظنوا أنهم يصبرون إلى أيام الربيع وانحسار الثلوج، فلم يصبروا وصاروا من موقان في صميم الشتاء نحو بلاد الكرج، فخرجت إليهم الكرج، واقتتلوا قتالا شديدا، فلم يثبتوا للتتار، وانهزموا أقبح هزيمة وقتل منهم من لا يحصى، فكانت هذه الوقعة في ذي الحجة من سنة سبع عشرة وستمائة.
* * *