شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٤٢
وكتبت إلى مؤيد الدين الوزير عقيب هذه الوقعة التي نصر فيها الاسلام - ورجع التتر مخذولين ناكصين على أعقابهم أبياتا أنسب إليه الفتح، وأشير إلى أنه هو الذي قام بذلك وإن لم يكن حاضرا له بنفسه، وأعتذر إليه عن الإغباب بمديحه، فقد كانت الشواغل والقواطع تصد عن الانتصاب لذلك - شعرا:
أبقى لنا الله الوزير وحاطه * بكتائب من نصره ومقانب (1) وامتد وارف ظله لنزيله * وصفت متون غديره للشارب يا كالئ الاسلام إذ نزلت به * فرغاء تشهق بالنجيع السالب (2) في خطة بهماء ديمومية * لا يهدى فيها السليك للاحب (3) لا يمتطي سلساتها مرهوبة الإبساس جلس لا تدر لعاصب فرجت غمرتها بقلب ثابت * في حملة ذعري ورأي ثاقب ما غبت ذاك اليوم عن تدبيرها * كم حاضر يعصى بسيف الغائب!
عمر الذي فتح العراق وإنما * سعد حسام في يمين الضارب (4) أثنى عليك ثناء غير موارب * وأجيد فيك المدح غير مراقب وأنا الذي يهواك حبا صادقا * متقادما، ولرب حب كاذب حبا ملأت به شعاب جوانحي * يفعا، وها أنا ذو عذار شائب

(1) المقانب: جمع مقنب: الجماعة من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين.
(2) الفرغاء: الطعنة الواسعة.
(3) البهماء: التي لا يهتدى فيها، والديمومية: منسوب إلى الديوم وهو الفلاة أيضا. والسليك أحد لصوص العرب وفتاكهم.
(4) هو عمر بن الخطاب، فتحت العراق في عهده، وسعد بن أبي وقاص قائد المسلمين يوم القادسية.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست