أنهم أن استأمنوا إلى التتار أبقوا عليهم للمشاركة في جنسية التركية، فخرجوا بأموالهم وأهليهم إليهم مستأمنين، فأخذوا سلاحهم وخيلهم، ثم وضعوا السيف فيهم، فقتلوهم كلهم، ثم نادوا في البلد: برئت الذمة ممن لم يخرج، ومن خرج فهو آمن. فخرج الناس إليهم بأجمعهم، فاختلطوا عليهم، ووضعوا فيهم السيف، وعذبوا الأغنياء منهم، واستصفوا أموالهم، ودخلوا سمرقند، فأخربوها، ونقضوا دورها، وكانت هذه الوقعة في المحرم سنة سبع عشرة وستمائة.
* * * وكان خوارزم شاه مقيما بمنزله الأول، كلما اجتمع له جيش سيره إلى سمرقند فيرجع ولا يقدم على الوصول إليها، فلما قضوا وطرا من سمرقند، سير جنكزخان عشرين ألف فارس، وقال لهم: اطلبوا خوارزم شاه أين كان، ولو تعلق بالسماء، حتى تدركوه وتأخذوه!
وهذه الطائفة تسميها التتار المغربة لأنها سارت نحو غرب خراسان، وهم الذين أو غلوا في البلاد ومقدمهم جرماغون، نسيب جنكزخان.
وحكى أن جنكزخان كان قد أمر على هذا الجيش ابن عم له شديد الاختصاص به، يقال له متكلي نويرة وأمره بالجد وسرعة المسير، فلما ودعه، عطف متكلي نويرة هذا فدخل إلى خركاة فيها امرأة له كان يهواها ليودعها، فاتصل ذلك بجنكزخان، فصرفه في تلك الساعة عن إمارة الجيش، وقال: من يثنى عزمه امرأة، لا يصلح لقيادة الجيوش، ورتب مكانه جرماغون، فساروا وقصدوا من جيحون موضعا يسمى " بنج آب " أي خمس مياه، وهو يمنع العبور، فلم يجدوا به سفنا، فعملوا من الخشب مثل الأحواض الكبار، ولبسوه جلود البقر، ووضعوا فيه أسلحتهم، وأقحموا خيولهم الماء، وأمسكوا بأذنابها