شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٤١
كانت مناوشات وحملات خفيفة لا تقتضي الاتصال والممازجة ورشق بالنشاب شديد.
فلما أظلم الليل، أوقد التتار نيرانا عظيمة، وأوهموا أنهم مقيمون عندها، وارتحلوا في الليل راجعين إلى جهة بلادهم، فأصبح العسكر البغدادي، فلم ير منهم عينا ولا أثرا، وما زالوا يطوون المنازل، ويقطعون القرى عائدين حتى دخلوا الدربند، ولحقوا ببلادهم.
* * * وكان ما جرى من دلائل النبوة لان الرسول صلى الله عليه وآله وعد هذه الملة بالظهور والبقاء إلى يوم القيامة، ولو حدث على بغداد منهم حادثة، كما جرى على غيرها من البلاد، لانقرضت ملة الاسلام، ولم يبق لها باقية.
وإلى أن بلغنا من هذا الشرح إلى هذا الموضع، لم يذعر العراق منهم ذاعر بعد تلك النوبة التي قدمنا ذكرها.
* * * قلت: وقد لاح لي من فحوى كلام أمير المؤمنين عليه السلام أنه لا بأس على بغداد والعراق منهم، وأن الله تعالى يكفي هذه المملكة شرهم، ويرد عنها كيدهم، وذلك من قوله عليه السلام ويكون هناك استحرار قتل " فأتى بالكاف، وهي إذا وقعت عقيب الإشارة أفادت البعد، تقول للقريب: هنا، وللبعيد هناك، وهذا منصوص عليه في العربية، ولو كان لهم استحرار قتل في العراق لما قال: " هناك "، بل كان يقول: " هنا ". لأنه عليه السلام خطب بهذه الخطبة في البصرة، ومعلوم أن البصرة وبغداد شئ واحد وبلد واحد، لأنهما جميعا من إقليم العراق، وملكهما ملك واحد، فيلمح هذا الموضع، فإنه لطيف.
* * *
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303