شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٤
ثم رحل إلى خراسان، فعبر جيحون، وكانت هذه الوقعة في سنه ست عشرة وستمائة فنزل بالقرب من بلخ، فعسكر هناك، واستنفر الناس.
وأما التتار فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون بلاد ما وراء النهر فوصلوا إلى بخارى بعد خمسة أشهر من رحيل خوارزم شاه عنها وحصروها، فقاتلوا العسكر المرابط بها ثلاثة أيام قتالا متتابعا، فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة، ففتحوا أبواب المدينة ليلا، وخرجوا بأجمعهم عائدين إلى خراسان فأصبح أهل بخارى وليس عندهم من العسكر أحد أصلا، فضعفت نفوسهم، فأرسلوا قاضى بخارى (1) ليطلب الأمان للرعية فأعطاه التتار الأمان، وقد كان بقي في قلعة بخارى خاصة طائفة من عسكر خوارزم شاه معتصمون بها. فلما رأى أهل بخارى بذلهم للأمان فتحوا أبواب المدينة، وذلك في رابع ذي الحجة من سنة ست عشرة وستمائة فدخل التتار (2) بخارى، ولم يتعرضوا لأحد من الرعية بل قالوا لهم: كل ما لخوارزم شاه عندكم من وديعة أو ذخيرة أخرجوه إلينا وساعدونا على قتال من بالقلعة ولا بأس عليكم. وأظهروا فيهم العدل وحسن السيرة ودخل جنكزخان بنفسه إلى البلد، وأحاط بالقلعة، ونادى مناديه في البلدان: لا يتخلف أحد، ومن تخلف قتل. فحضر الناس بأسرهم، فأمرهم بطم الخندق فطموه بالأخشاب والأحطاب والتراب، ثم زحفوا نحو القلعة وكان عدة من بها من الجند الخوارزمية أربعمائة إنسان، فبذلوا جهدهم، ومنعوا القلعة عشرة أيام إلى أن وصل النقابون إلى سور القلعة، فنقبوه ودخلوا القلعة، فقتلوا كل من بها من الجند وغيرهم.

(1) في ابن الأثير: " وهو بدر الدين قاضيحان ".
(2) ابن الأثير: " فدخل الكفار ".
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303