وحمل على عدة أفراس بآلتها وحليتها، وأجيز بجائزة سنية، وخلع على أصحابه، وأجيزوا على أقدارهم ومراتبهم، وضم ريحان إلى أبى العباس، وأمر بحمله وحمل أصحابه والمصير بهم إلى إزاء دار الناجم، فوقفوا هنالك في الشذا، عليهم الخلع الملونة بصنوف الألوان والذهب حتى عاينوهم مشاهدة فاستأمن في هذا اليوم من أصحاب ريحان الذين كانوا تخلفوا عنه ومن غيرهم جماعة فألحقوا في البر والاحسان بأصحابهم (1).
ثم استأمن جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجان في أول يوم من سنة ثمان وستين ومائتين، وكان أحد ثقات الناجم، ففعل به من الخلع والاحسان ما فعل بريحان، وحمل في سميرية حتى وقف بإزاء قصر الناجم، حتى يراه أصحابه وكلمهم وأخبرهم أنهم في غرور من صاحبهم، وأعلمهم ما وقف عليه من كذبه وفجوره، فاستأمن في هذا اليوم خلق كثير من قواد الزنج وغيرهم، وتتابع الناس في طلب الأمان، وأقام أبو أحمد يجم أصحابه، ويداوي جراحهم، ولا يحارب ولا يعبر إلى الزنج إلى شهر ربيع الاخر.
ثم عبر جيشه في هذا الشهر المذكور مرتبا على ما استصلحه من تفريقه في جهات مختلفة، وأمرهم بهدم سور المدينة، وتقدم إليهم أن يقتصروا على الهدم، ولا يدخلوا المدينة، ووكل بكل ناحية من النواحي التي وجه إليها قواده سفنا فيها الرماة، وأمرهم أن يحموا بالسهام من يهدم السور من الفعلة، فثلمت في هذا اليوم من السور ثلم كثيرة، واقتحم أصحاب أبي أحمد المدينة من جميع تلك الثلم وهزموا من كان عليها من الزنج، وأوغلوا في طلبهم، واختلف بهم طرق المدينة، وتفرقت بهم السكك والفجاج