الأموال لأصحابه تارة، ويواقعهم ويحاربهم تارة ويقطع الميرة عنهم، فسرى بهبوذ الزنجي في الا جلاد المنتخبين من رجالة ليلة من الليالي، وقد تأدى إليه خبر قيروان (1) ورد للتجار، فيه صنوف التجارات والأمتعة والمير، فكمن في النخل، فلما ورد القيروان، خرج إلى أهله وهم غارون، فقتل منهم وأسر وأخذ ما شاء أن يأخذ من الأموال.
وقد كان أبو أحمد علم بورود ذلك القيروان، وأنفذ قائدا من قواده لبذرقته (2) في جمع خفيف فلم يكن لذلك القائد ببهبوذ طاقة، فانصرف عنه منهزما.
فلما انتهى إلى أبى أحمد ذلك، غلظ عليه ما نال الناس في أموالهم وتجاراتهم فأمر بتعويضهم وأخلف عليهم مثل الذي ذهب منهم، ورتب على فوهة النهر المعروف بنهر بيان، وهو الذي دخل القيروان فيه جيشا قويا لحراسته.
* * * قال أبو جعفر: ثم أنفذ الناجم جيشا عليه القائد المعروف بصندل الزنجي، وكان صندل هذا - فيما ذكر - يكشف وجوه الحرائر المسلمات ورؤوسهن ويقلبهن تقليب الإماء، فإن امتنعت منهن امرأة لطم وجهها، ودفعها إلى بعض علوج الزنج يواقعها، ثم يخرجها بعد ذلك إلى سوق الرقيق فيبيعها بأوكس الثمن، فيسر الله تعالى قتله في وقعة جرت بينه وبين أبى العباس، أسر وأحضر بين يدي أبى أحمد، فشده كتافا، ورماه بالسهام حتى هلك.
* * * قال أبو جعفر: ثم ندب الناجم جيشا آخر وأمره أن يغير على طرف من أطراف عسكر أبى أحمد وهم غارون، فاستأمن من ذلك الجيش زنجي مذكور يقال له مهذب. كان