شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٨٥
من أصحابهما، فكان ورودهما زيادة في قوته، ثم رحل في غد هذا اليوم بجميع جيشه، فنزل متاخما لمدينة الناجم في موضع كان تخيره للنزول، فأوطن (1) هذا الموضع، وجعله معسكرا له وأقام به، ورتب قواده ورؤساء أصحابه مراتبهم، فجعل نصيرا صاحب الماء في أول العسكر، وجعل زيرك التركي في موضع آخر، وعلي بن جهشار حاجبه في موضع آخر، وراشدا مولاه في مواليه وغلمانه الأتراك والخزر والروم والديالمة والطبرية والمغاربة والزنج والفراغنة والعجم والأكراد، محيطا هو وأصحابه بمضارب أبى أحمد وفساطيطه وسرادقاته، وجعل صاعد بن مخلد وزيره وكاتبه في جيش آخر من الموالي والغلمان، فوق عسكر راشد، وأنزل مسرورا البلخي القائد صاحب الأهواز في جيش آخر على جانب من جوانب عسكره، وأنزل الفضل ومحمدا ابني موسى بن بغا في جانب آخر بجيش آخر (2) وتلاهما القائد المعروف بموسى (3)، ولجوا في جيشه وأصحابه، وجعل بغراج التركي على ساقته في جيش كثيف، بعدة عظيمة، وعدد جم، ورأي أبو أحمد من حال الناجم وحصانة موضعه وكثرة جمعه، ما علم معه أنه لا بد له من الصبر عليه، وطول الأيام في محاصرته، وتفريق جموعه، وبذل الأمان لهم والاحسان إلى من أناب منهم والغلظة على من أقام على غيه منهم، واحتاج إلى الاستكثار من الشذا وما يحارب به في الماء وشرع في بناء مدينة مماثله لمدينة الناجم، وأمر بإنفاذ الرسل في حمل الآلات والصناع من البر والبحر، وإنفاذ المير والأزواد والأقوات وإيرادها إلى عسكره بالمدينة التي شرع فيها، وسماها الموفقية وكتب إلى عماله بالنواحي في حمل الأموال إلى بيت ماله في هذه المدينة، وألا يحمل إلى بيت المال بالحضرة درهم واحد، وأنفذ رسلا إلى سيراف وجنابة في بناء الشذا

(1) أوطن: أقام.
(2) الطبري: " في جيشهما على النهر المعروف بهالة ".
(3) الطبري: " مرسى دالجوبه ".
(4) الطبري: " وجنابا ".
(١٨٥)
مفاتيح البحث: الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303