فتلقاه ابناه أبو العباس وهارون في طريقه، وسلما عليه، وسارا بسيره، حتى ورد بهم المبارك وذلك يوم السبت للنصف من رجب سنة: سبع وستين.
قال أبو جعفر: فأما نصير ولزيرك، فقد كانا اجتمعا بدجلة العوراء، وانحدرا حتى وافيا الأبلة بسفنهما وشذاهما، فاستأمن إليهما رجل من أصحاب الناجم، فأعلمهما أنه قد أنفذ عددا كثيرا من السميريات والزواريق مشحونة بالزنج، يرأسهم قائد من قواده يقال له محمد بن إبراهيم، ويكنى أبا عيسى.
قال أبو جعفر ومحمد بن إبراهيم هذا، رجل من أهل البصرة، جاء به إلى الناجم صاحب شرطته المعروف بيسار واستصلحه لكتابته فكان يكتب له حتى مات (1) وقد كانت ارتفعت حال أحمد بن مهدي الجبائي عند الناجم، وولاه أكثر أعماله، فضم محمد بن إبراهيم هذا إليه، فكان كاتبه، فلما قتل الجبائي في وقعة سليمان الشعراني طمع محمد بن إبراهيم هذا في مرتبته، وأن يحله الناجم محله، فنبذ القلم، والدواة ولبس آلة الحرب، وتجرد للقتال، فأنهضه الناجم في هذا الجيش، وأمره بالاعتراض في دجلة لمدافعة من يردها من الجيوش، فكان (2) يدخله أحيانا، وأحيانا يأتي بالجمع الذي معه إلى النهر المعروف بنهر يزيد، وكان معه في ذلك الجيش من قواد الزنج شبل بن سالم وعمرو المعروف بغلام بوذي (3) وأخلاط من السودان وغيرهم، فاستأمن رجل منهم كان في ذلك الجيش إلى لزيرك ونصير، وأخبرهما خبره، وأعلمهما أنه على القصد لسواد عسكر نصير، وكان نصير يومئذ معسكرا بنهر المرأة، وإنهم على أن يسلكوا الأنهار المعترضة على نهر معقل، وبثق