شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٨٨
من فرسان الزنج وشجعانهم، فأتى به إلى أبى أحمد وقت إفطاره فأعلمه أنه جاء راغبا في الطاعة والأمان، وأن الزنج على العبور في ساعتهم تلك إلى عسكره للبيات، وأن المندوبين لذلك أنجادهم وأبطالهم، فأمر أبو أحمد أبا العباس ابنه أن ينهض إليهم في قواد عينهم له، فنهضوا فلما أحس ذلك الجيش بأنهم قد نذروا بهم، وعرفوا استئمان صاحبهم، رجعوا إلى مدينتهم.
* * * قال أبو جعفر: ثم إن الناجم ندب أجل قواده وأكبرهم قدرا عنده، وهو على ابن أبان المهلبي وانتخب له أهل البأس والجلد، وأمره أن يبيت عسكر أبى أحمد، فعبر في زهاء خمسة آلاف رجل، أكثرهم الزنج وفيهم نحو مائتي قائد من مذكور يهم وعظمائهم، فعبر ليلا إلى شرقي دجلة، وعزموا على أن يفترقوا قسمين: أحدهما خلف عسكر أبى أحمد والثاني أمامه، ويغير الذين أمامه على أصحاب أبي أحمد، فإذا ثاروا إليهم، واستعرت الحرب أكب أولئك الذين من وراء العسكر على من يليهم، وهم مشاغيل بحرب من بإزائهم، وقدر الناجم وعلي بن أبان أن يتهيأ لهما من ذلك ما أحبا، فاستأمن منهم إلى أبى أحمد غلام كان معهم من الملاحين ليلا، فأخبره خبرهم، وما اجتمعت عليه آراؤهم، فأمر ابنه أبا العباس والغلمان والقواد بالحذر والاحتياط والجد، وفرقهم في الجهتين المذكورتين.
فلما رأى الزنج أن تدبيرهم قد انتقض، وأنه قد فطن لهم ونذر بهم، كروا راجعين في الطريق الذي أقبلوا فيه، طالبين التخلص. فسبقهم أبو العباس ولزيرك إلى فوهة النهر ليمنعوهم من عبوره، وأرسل أبو أحمد غلامه الأسود الزنجي الذي يقال له ثابت - وكان له قيادة على السودان الذين بعسكر الموفق - فأمره أن يعترضهم، ويقف لهم في طريقهم
(١٨٨)
مفاتيح البحث: النهوض (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303