شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٨٤
الخصيب، ووكل بفوهة النهر من يمنعهم الخروج، وأمر بإظهار شذاوته الخاصة وندب لهم بهبوذ بن عبد الوهاب، وهو من أشد كماته بأسا، وأكثرهم عددا وعدة، فانتدب بهبوذ لذلك، وخرج في جمع كثيف من الزنج فكانت بينه وبين أبى حمزة نصير صاحب الماء، وبين أبى العباس بن أبي أحمد وقعات شديدة، في كلها يظهر عليه أصحاب السلطان، ثم يعود فيرتاش ويحتشد فيخرج فيواقعهم حتى صدقوه الحرب، وهزموه وألجأوه إلى فناء قصر الناجم وأصابته طعنتان، وجرح بالسهام وأوهنت أعضاءه الحجارة، وأولجوه نهر أبى الخصيب وقد أشفى على الموت، وقتل قائد جليل معه من قواد الزنج ذو بأس ونجدة، وتقدم في الحرب، يقال له عميرة.
واستأمن إلى أبى أحمد جماعة أخرى فوصلهم وحباهم وخلع عليهم، وركب أبو أحمد في جميع جيشه وهو يومئذ في خمسين ألف رجل، والناجم في ثلاثمائة ألف رجل، كلهم يقاتل ويدافع، فمن ضارب بسيف، وطاعن برمح، ورام بقوس وقاذف بمقلاع ورام بعرادة ومنجنيق. وأضعفهم أمر الرماة بالحجارة عن أيديهم، وهم النظارة المكثرون للسواد والمعينون بالنعير والصياح، والنساء يشركنهم في ذلك أيضا، فأقام أبو أحمد بإزاء عسكر الناجم إلى أن أضحى، وأمر فنودي: الأمان مبسوط للناس:
أسودهم وأحمرهم، إلا لعدو الله الداعي علي بن محمد، وأمر بسهام فعلقت فيها رقاع مكتوب فيها من الأمان، مثل الذي نودي به، ووعد الناس فيها الاحسان ورمى بها إلى عسكر الناجم، فمالت إليه قلوب خلق كثير من أولئك، ممن لم يكن له بصيرة في اتباع الناجم، فأتاه في ذلك اليوم جمع كثيرة من الشذا والسميريات، فوصلهم وحباهم، وقدم عليه قائدان من قواده، وكلاهما من مواليه ببغداد أحدهما بكتمر والاخر بغرا (1) في جمع

(1) الطبري: " جعفر بن بغلانجر ".
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303