الخصيب، ووكل بفوهة النهر من يمنعهم الخروج، وأمر بإظهار شذاوته الخاصة وندب لهم بهبوذ بن عبد الوهاب، وهو من أشد كماته بأسا، وأكثرهم عددا وعدة، فانتدب بهبوذ لذلك، وخرج في جمع كثيف من الزنج فكانت بينه وبين أبى حمزة نصير صاحب الماء، وبين أبى العباس بن أبي أحمد وقعات شديدة، في كلها يظهر عليه أصحاب السلطان، ثم يعود فيرتاش ويحتشد فيخرج فيواقعهم حتى صدقوه الحرب، وهزموه وألجأوه إلى فناء قصر الناجم وأصابته طعنتان، وجرح بالسهام وأوهنت أعضاءه الحجارة، وأولجوه نهر أبى الخصيب وقد أشفى على الموت، وقتل قائد جليل معه من قواد الزنج ذو بأس ونجدة، وتقدم في الحرب، يقال له عميرة.
واستأمن إلى أبى أحمد جماعة أخرى فوصلهم وحباهم وخلع عليهم، وركب أبو أحمد في جميع جيشه وهو يومئذ في خمسين ألف رجل، والناجم في ثلاثمائة ألف رجل، كلهم يقاتل ويدافع، فمن ضارب بسيف، وطاعن برمح، ورام بقوس وقاذف بمقلاع ورام بعرادة ومنجنيق. وأضعفهم أمر الرماة بالحجارة عن أيديهم، وهم النظارة المكثرون للسواد والمعينون بالنعير والصياح، والنساء يشركنهم في ذلك أيضا، فأقام أبو أحمد بإزاء عسكر الناجم إلى أن أضحى، وأمر فنودي: الأمان مبسوط للناس:
أسودهم وأحمرهم، إلا لعدو الله الداعي علي بن محمد، وأمر بسهام فعلقت فيها رقاع مكتوب فيها من الأمان، مثل الذي نودي به، ووعد الناس فيها الاحسان ورمى بها إلى عسكر الناجم، فمالت إليه قلوب خلق كثير من أولئك، ممن لم يكن له بصيرة في اتباع الناجم، فأتاه في ذلك اليوم جمع كثيرة من الشذا والسميريات، فوصلهم وحباهم، وقدم عليه قائدان من قواده، وكلاهما من مواليه ببغداد أحدهما بكتمر والاخر بغرا (1) في جمع