لما انتهى عنه إليهم من عفوه عمن ظفر به من أصحاب الناجم. وكان الذي دعا الناجم إلى أمر المهلبي وبهبوذ بسرعة المصير إليه، خوفه موافاة أبى أحمد بجيوشه إليه، على الحالة التي الزنج عليها من الوجل وشدة الرعب، مع انقطاع المهلبي، وبهبوذ فيمن كان معهما عنه.
ولم يكن الامر كما قدر فإن أبا أحمد إنما كان قاصدا إلى الأهواز، فلو أقام المهلبي بالأهواز وبهبوذ بمكانه في جيوشهما، لكان أقرب إلى دفاع جيش أبى أحمد عن الأهواز، وأحفظ للأموال والغلات التي تركت بعد أن كانت اليد قابضة عليها.
* * * قال أبو جعفر: وأقام أبو أحمد حتى أحرز الأموال التي كان المهلبي وبهبوذ وخلفاؤهما تركوها، وفتحت السكور التي كان الناجم أحدثها في دجلة، وأصلحت له طرقه ومسالكه، ورحل أبو أحمد عن السوس إلى جندي سابور، فأقام بها ثلاثا، وقد كانت الأعلاف ضاقت على أهل العسكر، فوجه في طلبها وحملها، ورحل عن جندي سابور إلى تستر، فأقام بها لجباية الأموال من كور الأهواز، وأنفذ إلى كل كورة قائدا ليروج بذلك حمل المال، ووجه أحمد بن أبي الأصبغ إلى محمد بن عبد الله الكردي صاحب رامهرمز وما يليها من القلاع والأعمال، وقد كان مالا المهلبي، وحمل إلى الناجم أموالا كثيرة وأمره بإيناسه وإعلامه ما عليه رأيه في العفو عنه، والتغمد لزلته، وأن يتقدم إليه في حمل الأموال والمسير إلى سوق الأهواز، بجميع من معه من الموالي والغلمان والجند، ليعرضهم ويأمر بإعطائهم الأرزاق وينهضهم معه لحرب الناجم، ففعل وأحضرهم، وعرضوا رجلا رجلا، وأعطوا ثم رحل إلى عسكر مكرم، فجعله منزله أياما، ثم رحل منه فوافى الأهواز وهو يرى أنه قد تقدمه إليها من الميرة ما يحمل عساكره، فلم يكن كذلك، وغلظ الامر في ذلك اليوم، واضطرب الناس اضطرابا شديدا، فأقام ثلاثة أيام ينتظر ورود الميرة، فلم ترد فساءت أحوال الناس وكاد ذلك يفرق جماعتهم، فبحث عن السبب المؤخر لورودها