زيرك في المقام بطهيثا في جمع كثير من العسكر، ليتراجع إليها الذين كان سليمان أجلاهم عنها من أهلها، فلما أحكم ما أراد إحكامه، تراجع بعسكره مزمعا على التوجه إلى الأهواز ليصلحها، وقد كان قدم أمامه ابنه أبا العباس، وقد تقدم ذكر علي بن أبان المهلبي، وكونه استولى على معظم كور الأهواز، ودوخ جيوش السلطان هناك، وأوقع بهم، وغلب على معظم تلك النواحي والأعمال.
فلما تراجع أبو أحمد وافى بردودا، فأقام بها أياما، وأمر بإعداد ما يحتاج إليه للمسير على الظهر إلى الأهواز، وقدم أمامه من يصلح الطرق والمنازل، ويعد فيها الميرة للجيوش التي معه، ووافاه قبل أن يرحل عن واسط زيرك منصرفا عن طهيثا، بعد أن تراجع إلى النواحي التي كان بها الزنج أهلها، وخلفهم آمنين، فأمره أبو أحمد بالاستعداد والانحدار في الشذا والسميريات في نخبة عسكره وأنجادهم، فيصير بهم إلى دجلة العوراء، فتجتمع يده ويد نصير صاحب الماء على نقض دجلة، واتباع المنهزمين من الزنج والإيقاع بكل من لقوا من أصحاب سليمان إلى أن ينتهى بهم المسير إلى مدينة الناجم بنهر أبى الخصيب، فإن رأوا موضع حرب حاربوه في مدينته، وكتبوا بما يكون منهم إلى أبى أحمد، ليرد عليهم من أمره ما يعملون بحسبه.
واستخلف أبو أحمد على من خلفه من عسكره بواسط ابنه هارون، وأزمع على الشخوص في خف من رجاله وأصحابه، ففعل ذلك، بعد أن تقدم إلى ابنه هارون في أن يحذر الجيش الذي خلفه معه في السفن إلى مستقره بدجلة، إذا وافاه كتابه بذلك. وارتحل شاخصا من واسط إلي الأهواز وكورها، فنزل باذبين إلى الطيب، إلي قرقوب إلى وادي السوس، وقد كان عقد له عليه جسر فأقام به من أول النهار إلى وقت الظهر، حتى عبر عسكره أجمع، ثم سار حتى وافى السوس فنزلها، وقد كان أمر مسرورا البلخي وهو عامله على الأهواز بالقدوم، عليه فوافاهم في جيشه وقواده من غد اليوم الذي نزل فيه السوس،