أبو العباس، فأقام بمعسكره بالعمر، وأصلح ما كان أخذ منهم من الشذا والسفن (1)، ورتب الرجال فيها وأقام الزنج بعد ذلك عشرين يوما لا يظهر منهم أحد.
قال أبو جعفر: ثم أن الجبائي صار بعد ذلك يجئ في الطلائع كل ثلاثة أيام وينصرف، وحفر في طريق عسكر أبى العباس آبارا، وصير فيها سفافيد حديد، وغشاها بالبواري، وأخفى مواضعها، وجعلها على سنن مسير الخيل ليتهور فيها المجتازون بها، وجعل بواقي طرف العسكر متعرضا به، لتخرج الخيل طالبة له، فجاء يوما وطلبته الخيل كما كانت تطلبه، فقطر (2) فرس رجل من قواد الفراغنة في بعض تلك الآبار فوقف أصحاب أبي العباس بما ناله من ذلك على ما كان دبره الجبائي، فحذروا ذلك، وتنكبوا سلوك تلك الطريق.
قال أبو جعفر: وألح الزنج في مغاداة العسكر في كل يوم بالحرب، وعسكروا بنهر الأمير في جمع كثير، وكتب سليمان إلى الناجم يسأله إمداده بسميريات، لكل واحدة منهن أربعون مجدافا، فوافاه من ذلك في مقدار عشرين يوما أربعون سميرية فيها الرجال والسيوف والتراس والرماح، فكانت لأبي العباس معهم وقعات عظيمة، وفي أكثرها الظفر لأصحابه والخذلان على الزنج، ولج أبو العباس في دخول الأنهار والمضايق، حتى انتهى إلى مدينة سليمان بن موسى الشعراني بنهر الخميس التي بناها وسماها المنيعة وخاطر أبو العباس بنفسه مرارا، وسلم بعد أن شارف العطب، واستأمن إليه جماعة من قواد الزنج فأمنهم، وخلع عليهم وضمهم إلى عسكره، وقتل من قواد