بالبصرة وأعمالها يجبون الخراج على عادة السلطان لما كانت البصرة في يده، وكان علي بن أبان المهلبي وهو أكبر أمرائه وقواده قد استولى على الأهواز وأعمالها، ودوخ بلادها كرامهرمز وتستر وغيرهما، ودان له الناس وجبا الخراج، وملك أموالا لا تحصى.
وكان سليمان بن جامع وسليمان بن موسى الشعراني، ومعهما أحمد بن مهدي الجبائي في الأعمال الواسطية، قد ملكوها وبنوا بها المدن الحصينة وفازوا بأموالها وارتفاعها، وجبوا خراجها، ورتبوا عمالهم وقوادهم فيها، إلى أن دخلت سنة سبع وستين ومائتين، وقد عظم الخطب وجل، وخيف على ملك بنى العباس أن يذهب وينقرض، فلم يجد أبو أحمد الموفق - وهو طلحة بن المتوكل على الله - بدا من التوجه بنفسه ومباشرته هذا الامر الجليل برأيه وتدبيره، وحضوره معارك الحرب فندب أمامه ابنه أبا العباس، وركب أبو أحمد إلى بستان الهادي ببغداد، وعرض أصحاب أبي العباس، وذلك في شهر ربيع الاخر من هذه السنة، فكانوا عشرة آلاف، فرسانا ورجالة في أحسن زي وأجمل هيئة، وأكمل عدة ومعهم الشذوات والسميريات والمعابر برسم الرجالة (1) كل ذلك قد أحكمت صنعته. فركب أبو العباس من بستان الهادي، وركب أبو أحمد مشيعا له حتى نزل القرية المعروفة بالفرك ثم عاد وأقام أبو العباس بالفرك أياما، حتى تكامل عدده وتلاحق به أصحابه.
ثم رحل إلى المدائن، فأقام بها أياما ثم رحل إلى دير العاقول، فورد عليه كتاب نصير المعروف بأبي حمزة وهو من جلة أصحابه، وكان صاحب الشذا والسميريات، وقد كان قدمه على مقدمته بدجلة يعلمه فيه أن سليمان بن جامع قد وافى لما علم بشخوص أبى العباس، والجبائي يقدمه في خيلهما ورجالهما وسفنهما، حتى نزلا الجزيرة التي بحضرة بردودا، فوق