واسط بأربعة فراسخ، وأن سليمان بن موسى الشعراني قد وافى نهر أبان بعسكره، عسكر البر وعسكر الماء، فرحل أبو العباس لما قرأ هذا الكتاب حتى وافى جرجرايا، ثم منها إلى فم الصلح، ثم ركب الظهر، وسار حتى وافى الصلح، ووجه طلائعه ليتعرف الخبر، فأتاه منهم من أخبره بموافاة القوم، وأن أولهم قريبا من الصلح، وآخرهم ببستان موسى بن بغا، أسفل واسط، فلما عرف ذلك عدل عن سنن الطريق، ولقى أصحابه أوائل القوم، فتطاردوا لهم عن وصية أوصاهم أبو العباس بها، حتى طمع الزنج فيهم، واغتروا وأمعنوا في اتباعهم، وجعلوا يصيحون بهم: اطلبوا أميرا للحرب، فإن أميركم مشغول بالصيد!
فلما قربوا من أبى العباس بالصلح، خرج إليهم فيمن معه من الخيل والرجل، وأمر فصيح بأبي حمزة: يا نصير إلى أين تتأخر عن هؤلاء الكلاب! ارجع إليهم، فرجع نصير بشذواته وسميرياته، وفيها الرجال، وركب أبو العباس في سميرية ومعه محمد بن شعيب، وحفت أصحابه بالزنج من جميع جهاتهم، فانهزموا ومنح الله أبا العباس وأصحابه أكتافهم، يقتلونهم ويطردونهم، إلى أن وافوا قرية عبد الله، وهي على ستة فراسخ، من الموضع الذي لقوهم فيه، وأخذوا منهم خمس شذوات وعشر سميريات، واستأمن منهم قوم، وأسر منهم أسرى، وغرق من سفنهم كثير، فكان هذا اليوم أول الفتح على أبى العباس.
* * * قال أبو جعفر فلما انقضى هذا اليوم، أشار على أبى العباس قواده وأولياؤه أن يجعل معسكره بالموضع الذي كان انتهى إليه، إشفاقا عليه من مقاربة القوم، فأبى إلا نزول واسط بنفسه، ولما انهزم سليمان بن جامع ومن معه، وضرب الله وجوههم، انهزم سليمان بن