شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٦٧
موسى الشعراني عن نهر أبان، حتى وافى سوق الخميس، ولحق سليمان بن جامع بنهر الأمير، وقد كان القوم حين لقوا أبا العباس، أجالوا الرأي بينهم فقالوا: هذا فتى حدث لم تطل ممارسته الحرب وتدربه بها، والرأي أن نرميه بحدنا كله، ونجتهد في أول لقية نلقاه في إزالته، فلعل ذلك أن يروعه، فيكون سببا لانصرافه عنا، ففعلوا ذلك وحشدوا واجتهدوا، فأوقع الله تعالى بهم بأسه ونقمته، ولم يتم لهم ما قدروه، وركب أبو العباس من غد يوم الوقعة، حتى دخل واسطا في أحسن زي، وكان ذلك يوم جمعة، فأقام حتى صلى بها صلاة الجمعة، واستأمن إليه خلق كثير من أتباع الزنج وأصحابهم، ثم انحدر إلى العمر، وهو على فرسخ واحد من واسط، فاتخذه معسكرا، وقد كان أبو حمزة نصير وغيره أشاروا عليه أن يجعل معسكره فوق واسط، حذرا عليه من الزنج فامتنع، وقال: لست نازلا إلا العمر، وأمر أبا حمزة أن ينزل فوهة بردودا فوق واسط، وأعرض أبو العباس عن مشاورة أصحابه واستماع شئ من آرائهم واستبد برأي نفسه، فنزل العمر وأخذ في بناء الشذوات والسميريات، وجعل يراوح الزنج القتال ويغاديهم، وقد رتب خاصة غلمانه ومواليه في سميريات، فجعل في كل سميرية أميرا منهم.
ثم إن سليمان استعد وحشد وفرق أصحابه، فجعلهم في ثلاثة أوجه، فرقه أتت من نهر أبان، وفرقة من بر تمرتا، وفرقة من بردودا، فلقيهم أبو العباس، فلم يلبثوا أن انهزموا، فلحقت طائفة منهم بسوق الخميس، وطائفة بمازروان وطائفة ببر تمرتا، وسلك آخرون نهر الماذيان، واعتصم قوم منهم ببردودا، وتبعهم أصحاب أبي العباس، وجعل أبو العباس قصده القوم الذين سلكوا نهر الماذيان، فلم يرجع عنهم حتى وافى بهم برمساور، ثم انصرف، فجعل يقف على القرى والمسالك ويسأل عنها ويتعرفها، ومعه الأدلاء وأرباب الخبرة، حتى عرف جميع تلك الأرض ومنافذها، وما ينتهى إليه من
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303