شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
البطائح والآجام وغيرها، وعاد إلى معسكره بالعمر، فأقام به أياما مريحا نفسه وأصحابه.
نم أتاه مخبر فأخبره أن الزنج قد اجتمعوا واستعدوا لكبس عسكره، وأنهم على إتيانه من ثلاثة أوجه، وأنهم قالوا: إن أبا العباس غلام يغرر بنفسه وأجمع رأيهم على تكمين الكمناء، والمصير إليه من الجهات الثلاث، فحذر أبو العباس من ذلك واستعد له، وأقبلوا إليه وقد كمنوا زهاء عشرة آلاف في برتمرتا، ونحوا من العدة في برهثا (1) وتقدم منها عشرون سميرية إلى عسكر أبى العباس على أن يخرج إليهم فيهربوا بعد مناوشة يسيرة فيجيزوا أبا العباس وأصحابه إلى أن يجاوزوا الكمناء، ثم يخرج الكمين عليهم من ورائهم.
فمنع أبو العباس أصحابه من اتباعهم لما واقعوهم، وأظهروا الكسرة والعود، فعلموا أن كيدهم لم ينفذ فيه، وخرج حينئذ سليمان والجبائي في الشذا والسميريات العظيمة، وقد كان أبو العباس أحسن تعبئة أصحابه فامر أبا حمزة نصيرا أن يخرج إليهم في الشذا والسميريات المرتبة، فخرج إليهم، ونزل أبو العباس في شذاة من شذوات قد كان سماها الغزال، وأختار لها جدافين، وأخذ معه محمد بن شعيب الاشتيام، واختار من خاصة أصحابه وغلمانه جماعة، دفع إليهم الرماح، وأمر الخيالة بالمسير بإزائه على شاطئ النهر، وقال لهم: لا تدعوا المسير ما أمكنكم، إلى أن تقطعكم الأنهار. ونشبت الحرب بين الفريقين، فكانت معركة القتال من حد قرية الرمل إلى الرصافة، حتى أذن الله في هزيمة الزنج، فانهزموا، وحاز أصحاب أبي العباس منهم أربع عشر شذاه، وأفلت سليمان والجبائي في ذلك اليوم بعد أن أشفيا على الهلاك راجلين، وأخذت دوابهما، ومضى جيش الزنج بأجمعه، لا ينثني أحد منهم حتى وافوا طهيثا، وأسلموا ما كان معهم من أثاث وآلة، ورجع

(1) الطبري: " قس هثا ".
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303