البطائح والآجام وغيرها، وعاد إلى معسكره بالعمر، فأقام به أياما مريحا نفسه وأصحابه.
نم أتاه مخبر فأخبره أن الزنج قد اجتمعوا واستعدوا لكبس عسكره، وأنهم على إتيانه من ثلاثة أوجه، وأنهم قالوا: إن أبا العباس غلام يغرر بنفسه وأجمع رأيهم على تكمين الكمناء، والمصير إليه من الجهات الثلاث، فحذر أبو العباس من ذلك واستعد له، وأقبلوا إليه وقد كمنوا زهاء عشرة آلاف في برتمرتا، ونحوا من العدة في برهثا (1) وتقدم منها عشرون سميرية إلى عسكر أبى العباس على أن يخرج إليهم فيهربوا بعد مناوشة يسيرة فيجيزوا أبا العباس وأصحابه إلى أن يجاوزوا الكمناء، ثم يخرج الكمين عليهم من ورائهم.
فمنع أبو العباس أصحابه من اتباعهم لما واقعوهم، وأظهروا الكسرة والعود، فعلموا أن كيدهم لم ينفذ فيه، وخرج حينئذ سليمان والجبائي في الشذا والسميريات العظيمة، وقد كان أبو العباس أحسن تعبئة أصحابه فامر أبا حمزة نصيرا أن يخرج إليهم في الشذا والسميريات المرتبة، فخرج إليهم، ونزل أبو العباس في شذاة من شذوات قد كان سماها الغزال، وأختار لها جدافين، وأخذ معه محمد بن شعيب الاشتيام، واختار من خاصة أصحابه وغلمانه جماعة، دفع إليهم الرماح، وأمر الخيالة بالمسير بإزائه على شاطئ النهر، وقال لهم: لا تدعوا المسير ما أمكنكم، إلى أن تقطعكم الأنهار. ونشبت الحرب بين الفريقين، فكانت معركة القتال من حد قرية الرمل إلى الرصافة، حتى أذن الله في هزيمة الزنج، فانهزموا، وحاز أصحاب أبي العباس منهم أربع عشر شذاه، وأفلت سليمان والجبائي في ذلك اليوم بعد أن أشفيا على الهلاك راجلين، وأخذت دوابهما، ومضى جيش الزنج بأجمعه، لا ينثني أحد منهم حتى وافوا طهيثا، وأسلموا ما كان معهم من أثاث وآلة، ورجع