كان بها من جانب محمد بن المولد يقال له أذكنجور البخاري: فحامى يومه ذلك إلى العصر، ثم قتل، وكان الذي يقود الخيل يومئذ في عسكر سليمان بن جامع، الخليل بن أبان وعبد الله المعروف بالمذوب، وكان أحمد بن مهدي الجبائي في السميريات، وكان مهريار (1) الزنجي في الشذوات، وكان سليمان بن موسى الشعراني وأخوه في ميمنته وميسرته، وكان سليمان بن جامع، وهو الأمير على الجماعة في قواده السودان ورجالته منهم، وكان الجميع يدا واحدة، فلما قضوا وطرهم من نهب واسط وقتل أهلها، خرجوا بأجمعهم عنها، فمضوا إلى جنبلاء، وأقاموا هناك يعيثون ويخربون.
وفي أوائل سنة خمس وستين، دخلوا إلى النعمانية، وجرجرايا وجبل، فنهبوا وأخربوا وقتلوا وأحرقوا، وهرب منهم أهل السواد فدخلوا إلى بغداد.
* * * قال أبو جعفر: فأما علي بن أبان المهلبي فإنه استولى على معظم أعمال الأهواز، وعاث هناك وأخرب وأحرق، وكانت بينه وبين عمال السلطان وقواده مثل أحمد بن ليثويه، ومحمد بن عبد الله الكردي، وتكين البخاري، ومطر بن جامع، وأغرتمش التركي وغيرهم، وبينه وبين عمال يعقوب بن الليث الصفار، مثل خضر بن العنبر وغيره حروب عظيمة، ووقعات كثيرة، وكانت سجالا، تارة له وتارة عليه، وهو في أكثرها المستظهر عليهم، وكثرت أموال الزنج والغنائم التي حووها من البلاد والنواحي، وعظم أمرهم، وأهم الناس شأنهم، وعظم على المعتمد وأخيه أبى أحمد خطبهم، واقتسموا الدنيا، فكان علي بن محمد الناجم صاحب الزنج وإمامهم مقيما بنهر أبى الخصيب، قد بنى مدينة عظيمة سماها المختارة (2)، وحصنها بالخنادق، واجتمع إليه فيها من الناس ما لا ينتهى العد والحصر إليه، رغبة ورهبة، وصارت مدينة تضاهي سامراء وبغداد، وتزيد عليهما وأمراؤه وقواده