إلى الناجم فحمل من هناك إلى نهر أبى الخصيب إلى مدينة الناجم التي سماها المختارة، فوضع بين يديه، وهو على ما به، فعظمت المصيبة عليه به إذ كان من أعظم أصحابه غناء، وأشدهم تصبرا لإطاعته، فمكث الجبائي يعالج هنالك أياما ثم هلك، فاشتد جزع الناجم عليه، وصار إليه فولى غسله وتكفينه والصلاة عليه، والوقوف على قبره إلى أن دفن، ثم أقبل على أصحابه فوعظهم، وذكر موت الجبائي. وكانت وفاته في ليلة ذات رعود وبروق.
فقال فيما ذكر عنه: موت الجبائي. وكانت وفاته في ليلة ذات رعود وبروق.
فقال فيما ذكر عنه. لقد سمعت وقت قبض روحه زجل الملائكة بالدعاء له والترحم عليه. وانصرف من دفنه منكسرا عليه الكآبة.
* * * قال أبو جعفر: فلما أنصرف أبو أحمد ذلك اليوم من الوقعة، غاداهم بكرة الغد، وعبأ أصحابه كتائب فرسانا ورجالة، وأمر بالشذا والسميريات أن يسار بها معه في النهر الذي يشق مدينة طهيثا، وهو النهر المعروف بنهر المنذر، وسار نحو الزنج، حتى انتهى إلى سور المدينة قريب قواد غلمانه في المواضع التي يخاف خروج الزنج عليه منها، وقدم الرجالة أمام الفرسان، ونزل فصلى أربع ركعات، وابتهل إلى الله تعالى في النصر والدعاء للمسلمين، ثم دعا بسلاحه فلبسه، وأمرا ابنه أبا العباس أن يتقدم إلى السور ويحض الغلمان على الحرب ففعل، وقد كان سليمان بن جامع أعد أمام سور المدينة التي سماها المنصورة خندقا، فلما انتهى الغلمان إليه تهيبوا عبوره، وأحجموا عنه، فحرضهم قوادهم، وترجلوا معهم فاقتحموه متجاسرين عليه، فعبروه وانتهوا إلى الزنج وهم مشرفون من سور مدينتهم، فوضعوا السلاح فيهم، وعبرت شرذمة من الفرسان الخندق خوضا، فلما رأى الزنج خبر هؤلاء الذين لقوهم وجرأتهم عليهم، ولوا منهزمين، واتبعهم أصحاب أبي أحمد ودخلوا