شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٧٤
إلى الناجم فحمل من هناك إلى نهر أبى الخصيب إلى مدينة الناجم التي سماها المختارة، فوضع بين يديه، وهو على ما به، فعظمت المصيبة عليه به إذ كان من أعظم أصحابه غناء، وأشدهم تصبرا لإطاعته، فمكث الجبائي يعالج هنالك أياما ثم هلك، فاشتد جزع الناجم عليه، وصار إليه فولى غسله وتكفينه والصلاة عليه، والوقوف على قبره إلى أن دفن، ثم أقبل على أصحابه فوعظهم، وذكر موت الجبائي. وكانت وفاته في ليلة ذات رعود وبروق.
فقال فيما ذكر عنه: موت الجبائي. وكانت وفاته في ليلة ذات رعود وبروق.
فقال فيما ذكر عنه. لقد سمعت وقت قبض روحه زجل الملائكة بالدعاء له والترحم عليه. وانصرف من دفنه منكسرا عليه الكآبة.
* * * قال أبو جعفر: فلما أنصرف أبو أحمد ذلك اليوم من الوقعة، غاداهم بكرة الغد، وعبأ أصحابه كتائب فرسانا ورجالة، وأمر بالشذا والسميريات أن يسار بها معه في النهر الذي يشق مدينة طهيثا، وهو النهر المعروف بنهر المنذر، وسار نحو الزنج، حتى انتهى إلى سور المدينة قريب قواد غلمانه في المواضع التي يخاف خروج الزنج عليه منها، وقدم الرجالة أمام الفرسان، ونزل فصلى أربع ركعات، وابتهل إلى الله تعالى في النصر والدعاء للمسلمين، ثم دعا بسلاحه فلبسه، وأمرا ابنه أبا العباس أن يتقدم إلى السور ويحض الغلمان على الحرب ففعل، وقد كان سليمان بن جامع أعد أمام سور المدينة التي سماها المنصورة خندقا، فلما انتهى الغلمان إليه تهيبوا عبوره، وأحجموا عنه، فحرضهم قوادهم، وترجلوا معهم فاقتحموه متجاسرين عليه، فعبروه وانتهوا إلى الزنج وهم مشرفون من سور مدينتهم، فوضعوا السلاح فيهم، وعبرت شرذمة من الفرسان الخندق خوضا، فلما رأى الزنج خبر هؤلاء الذين لقوهم وجرأتهم عليهم، ولوا منهزمين، واتبعهم أصحاب أبي أحمد ودخلوا
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303