شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٧٣
أصحاب الناجم الذين كان قودهم في بدء مخرجه، وكان سليمان قد خلف هذين القائدين بالحوانيت، لحفظ غلات كثيرة كانوا قد أخذوها، فحاربهما أبو العباس، فقتل من رجالهما وجرح بالسهام خلقا كثيرا - وكانوا أجلد رجال سليمان بن جامع ونخبتهم الذين يعتمد عليهم - ودامت الحرب بين أبى العباس وبينهم ذلك اليوم إلى أن حجز الليل بين الفريقين. ورمى أبو العباس في ذلك اليوم كر كيا طائرا، فوقع بين الزنج والسهم فيه، فقالوا: هذا سهم أبى العباس، وأصابهم منه ذعر، واستأمن في هذا اليوم بعضهم إلى أبى العباس، فسأله عن الموضع الذي فيه سليمان بن جامع، فأخبره أنه مقيم بمدينته التي بناها بطهيثا، فانصرف أبو العباس حينئذ إلى أبيه بحقيقة مقام سليمان، وأن معه هنالك جميع أصحابه إلا شبلا وأبا الندى، فإنهما بالحوانيت لحفظ الغلات التي حووها. فأمر حينئذ أبو أحمد أصحابه بالتوجه إلى طهيثا، ووضع العطاء فأعطى عسكره، وشخص مصاعدا إلى بردودا، ليخرج منها إلى طهيثا، إذ كان لا سبيل له إليها إلا بذلك، فظن عسكره أنه هارب، وكادوا ينفضون لولا أنهم عرفوا؟ حقيقة الحال، فانتهى إلى القرية بالخوذية، وعقد جسرا على النهر المعروف بمهروذ وعبر عليه الخيل، وسار إلى أن صار بينه وبين مدينة سليمان التي سماها المنصورة بطهيثا ميلان، فأقام هناك بعسكره، ومطرت السماء مطرا جودا، واشتد البرد أيام مقامه هنالك، فشغل بالمطر والبرد عن الحرب فلم يحارب، فلما فتر ركب في نفر من قواده ومواليه لارتياد موضع لمجال الخيل، فانتهى إلى قريب من سور تلك المدينة، فتلقاه منهم خلق كثير وخرج عليه كمناء من مواضع شتى، ونشبت الحرب واشتدت، فترجل جماعة من الفرسان، ودافعوا حتى خرجوا عن المضايق التي كانوا أو غلوها، وأسر من غلمان أبى أحمد غلام يقال له وصيف العلمدار وعدة من قواد زيرك، وقتل في هذا اليوم أحمد بن مهدي الجبائي أحد القواد العظماء من الزنج، رماه أبو العباس بسهم فأصاب أحد منخريه حتى خالط دماغه، فخر صريعا، وحمل من المعركة وهو حي، فسأل أن يحمل
(١٧٣)
مفاتيح البحث: القتل (2)، الحرب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303