وأما الشعراني فإنه التحق هو وأخوه بالمذار، وكتب إلى الناجم يعرفه ذلك وأنه معتصم بالمذار.
* * * قال أبو جعفر: فحدثني محمد بن الحسن بن سهل، قال: حدثني محمد بن هشام الكرنبائي المعروف بأبي واثلة، قال: كنت بين يدي الناجم ذلك اليوم وهو يتحدث، إذ ورد عليه كتاب سليمان بخبر الواقعة وما نزل به، وانهزامه إلى المذار، فما كان إلا أن فض الكتاب، ووقعت عينه على ذكر الهزيمة، حتى انحل وكاء بطنه، فنهض لحاجته ثم عاد.
فلما استوى به مجلسه، أخذ الكتاب وتأمله، فوقعت عينه على الموضع الذي أنهضه أولا، فنهض لحاجته حتى فعل ذلك مرارا، فلم أشك في عظم المصيبة، وكرهت أن أسأله، فلما طال الامر تجاسرت، فقلت: أليس هذا كتاب سليمان بن موسى قال: بلى، ورد بقاصمة الظهر، ذكر أن الذين أناخوا عليه أوقعوا به وقعة لم تبق منه ولم تذر، فكتب كتابه هذا وهو بالمذار، ولم يسلم بشئ غير نفسه، قال فأكبرت ذلك، والله يعلم ما أخفى من السرور الذي وصل إلى قلبي. قال: وصبر علي بن محمد على مكروه ما وصل إليه، وجعل يظهر الجلد، وكتب إلى سليمان بن جامع يحذره مثل الذي نزل بالشعراني، ويأمره بالتيقظ في أمره وحفظ ما قبله.
قال أبو جعفر: ثم لم يكن لأبي أحمد بعد ذلك هم إلا في طلب سليمان بن جامع، فأتته طلائعه، فأخبرته أنه بالحوانيت، فقدم أمامه ابنه أبا العباس في عشرة آلاف، فانتهى إلى الحوانيت، فلم يجد سليمان بن جامع بها، وألفى هناك من قواد السودان المشتهرين بالبأس والنجدة القائدين، المعروف أحدهما بشبل، والاخر بأبي الندى (1)، وهما من قدماء