الزنج جماعة وتمادت الأيام بينه وبينهم، واتصل بأبي أحمد الموفق أن سليمان بن موسى الشعراني والجبائي ومن بالاعمال الواسطية من قواد صاحب الزنج، كاتبوا صاحبهم، وسألوه إمدادهم بعلي بن أبان المهلبي وهو المقيم حينئذ بأعمال الأهواز، والمستولي عليها، وكان علي بن أبان قائد القواد وأمير الامراء فيهم، فكتب الناجم إلى علي بن أبان يأمره بالمصير بجميع من معه إلى ناحية سليمان بن جامع، ليجتمعا على حرب أبى العباس.
فصح عزم أبى أحمد على الشخوص إلى واسط وحضور الحرب بنفسه فخرج عن بغداد في صفر من هذه السنة، وعسكر بالفرك وأقام بها أياما، حتى تلاحق به عسكره، ومن أراد المسير معه، وقد أعد آلة الماء (1) ورحل من الفرك إلى المدائن، ثم إلى دير العاقول، ثم إلى جرجرايا، ثم قنى، ثم جبل، ثم الصلح، حتى نزل على فرسخ من واسط.
وتلقاه ابنه أبو العباس في جريدة خيل فيها وجوه قواده، فسأله أبوه عن خبرهم، فوصف له بلاءهم ونصحهم، فخلع أبو أحمد على أبى العباس، ثم على القواد الذين كانوا معه، وانصرف أبو العباس إلى معسكره بالعمر فبات به، فلما كان صبيحة الغد، رجل أبو أحمد منحدرا في الماء، وتلقاه ابنه أبو العباس في آلات الماء بجميع العسكر في هيئة الحرب، على الوضع الذي كانوا يحاربون الزنج عليه فاستحسن أبو أحمد هيئتهم، وسر بذلك، وسار أبو أحمد حتى نزل بإزاء القرية المعروفة بقرية عبد الله، ووضع العطاء، فأعطى الجيش كله أرزاقهم، وقدم ابنه أبا العباس أمامه في السفن، وسار وراءه. فتلقاه