جيش أبى أحمد، وجزعوا جزعا شديدا، ولجأوا إلى النهر المعروف بنهر أبى الخصيب، ولا جسر يومئذ عليه، فغرق منهم خلق كثير، ولم يلبث صاحب الزنج إلا يسيرا حتى وافاه علي بن أبان في أصحابه، فوافاه وقد استغنى عنه بهزيمة الجيش السلطاني، وتحيز أبو أحمد بالجيش إلى الأبلة، ليجمع ما فرقت الهزيمة منه، ويجدد الاستعداد للحرب، ثم صار إلى نهر أبى الأسد فأقام به.
* * * قال أبو جعفر: فحدثني محمد بن الحسن، قال: فكان صاحب الزنج لا يدرى كيف قتل مفلح، فلما لم ير أحدا ينتحل رميه ادعى أنه كان الرامي له، قال فسمعته يقول:
سقط بين يدي سهم من السماء، فأتاني به واح خادمي فدفعه إلى، فرميت به فأصاب مفلحا فقتله، قال محمد: وكذب في ذلك، لأني كنت حاضرا معه ذلك المشهد، ما زال عن فرسه حتى أتاه خبر الهزيمة (1).
* * * قال أبو جعفر: ثم إن الله تعالى أصاب صاحب الزنج بمصيبة تعادل فرحه وسروره بقتل مفلح عقيب قتل مفلح، وذلك أن قائده الجليل يحيى بن محمد البحراني أسر وقتل، وصورة ذلك أن صاحب الزنج كان قد كتب إلى يحيى بن محمد، يعلمه ورود هذا الجيش عليه، ويأمره بالقدوم والتحرر في منصرفه من أن يلقاه أحد منهم، وقد كان يحيى غنم سفنا فيها متاع وأموال، لتجار الأهواز جليلة، وحامى عنها أصحاب أصغجون التركي فلم يغن، وهزمهم يحيى، ومضى الزنج بالسفن المذكورة يمدونها متوجهين نحو معسكر صاحب الزنج على سمت البطيحة المعروفة بسبخة السحناة وهي طريقة متعسقة وعرة،