وهذا يؤكد ما ذكرناه وحكيناه من رأيه، وأنه كان يذهب إلى قول الأزارقة.
قال: واستخفى من سلم من أهل البصرة في آبار الدور، فكانوا يظهرون ليلا، فيطلبون الكلاب فيذبحونها ويأكلونها، والفار والسنانير. فأفنوها حتى لم يقدروا على شئ منها، فصاروا إذا مات الواحد منهم أكلوه، فكان يراعى بعضهم موت بعض، ومن قدر على صاحبه قتله وأكله، وعدموا مع ذلك الماء، وذكر عن امرأة منهم أنها حضرت امرأة قد احتضرت، وعندها أختها وقد احتوشوها ينتظرون أن تموت فيأكلوا لحمها، قالت المرأة: فما ماتت حسناء حتى ابتدرناها فقطعنا لحمها فأكلناه، ولقد حضرت أختها ونحن على شريعة عيسى بن حرب وهي تبكي ومعها رأس الميت، فقال لها قائل:
ويحك! مالك تبكين! فقالت: اجتمع هؤلاء على أختي فما تركوها تموت حسنا حتى قطعوها، وظلموني فلم يعطوني من لحمها شيئا إلا الرأس، وإذا هي تبكي شاكية من ظلمهم لها في أختها.
قال: وكان مثل هذا وأكثر منه وأضعافه، وبلغ من أمر عسكره أنه ينادى فيه على المرأة من ولد الحسن والحسين والعباس وغيرهم من أشراف قريش، فكانت الجارية تباع منهم بدرهمين وبثلاثة دراهم، وينادى عليها بنسبها: هذه ابنة فلان بن فلان، وأخذ كل زنجي منهم العشرين والثلاثين يطؤهن الزنج ويخدمن النساء الزنجيات كما تخدم الوصائف، ولقد استغاثت إلى صاحب الزنج امرأة من ولد الحسن بن علي عليه السلام، وكانت عند بعض الزنج وسألته، أن يعتقها مما هي فيه، أو ينقلها من عنده إلى غيره، فقال لها:
هو مولاك، وهو أولى بك.
* * * قال أبو جعفر: وأشخص السلطان لحرب صاحب الزنج محمدا المعروف بالمولد، في جيش