أمر الذين فهموا عنه قوله أن يفهموه من لا فهم له من عجمهم، لتطيب بذلك أنفسهم، ففعلوا ذلك.
* * * قال أبو جعفر: فلما كان في اليوم الثالث من شوال، وافاه الحميري أحد عمال السلطان بتلك النواحي، في عدد كثير، فخرج إليه صاحب الزنج في أصحابه، فطرده وهزم أصحابه، حتى صاروا في بطن دجلة، واستأمن إلى صاحب الزنج رجل من رؤساء السودان، يعرف بأبي صالح القصير في ثلاثمائة من الزنج، فلما كثر من اجتمع إليه من الزنج قود قواده، وقال لهم: من أتى منكم برجل من السودان فهو مضموم إليه.
قال أبو جعفر: وانتهى إليه أن قوما من أعوان السلطان هناك، منهم خليفة بن أبي عون على الأبلة، ومنهم الحميري قد أقبلوا نحوه، فأمر أصحابه بالاستعداد لهم، فاجتمعوا للحرب، وليس في عسكره يومئذ إلا ثلاثة أسياف: سيفه، وسيف علي بن أبان، وسيف محمد بن سلم، ولحقه القوم ونادى الزنج، فبدر مفرج النوبي والمكنى بأبي صالح، وريحان ابن صالح، وفتح الحجام، وقد كان فتح حينئذ يأكل وبين يديه طبق فلما نهض تناول ذلك الطبق، وتقدم أمام أصحابه، فلقيه رجل من عسكر أصحاب السلطان، فلما رآه فتح حمل عليه وحذفه بالطبق الذي كان في يده، فرمى الرجل (1) سلاحه، وولى هاربا، وانهزم القوم كلهم، وكانوا أربعة آلاف، فذهبوا على وجوههم وقتل من قتل منهم، ومات بعضهم عطشا، وأسر كثير منهم، فأتى بهم صاحب الزنج، فأمر بضرب أعناقهم، فضربت، وحملت الرؤوس على بغال كان أخذها من الشورجيين، كانت تنقل الشورج.
* * *