شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٣٦
قال أبو جعفر: ومر في طريقه بالقرية المعروفة بالمحمدية (1) فخرج منها رجل من موالي الهاشميين، فحمل على بعض السودان فقتله، ودخل القرية، فقال له أصحابه: ائذن لنا في انتهاب القرية وطلب قاتل صاحبنا، فقال: لا سبيل إلى ذلك دون أن نعرف ما عند أهلها (2)، وهل فعل القاتل ما فعل عن رأيهم، ونسائلهم أن يدفعوه إلينا، فإن فعلوا وإلا حل (3) لنا قتالهم، وعجل المسير من القرية، فتركها وسار (4). قال أبو جعفر: ثم مر على القرية المعروفة بالكرخ، فأتاه كبراؤها، وأقاموا له الانزال (5)، وبات ليلته تلك عندهم، فلما أصبح أهدى له رجل من أهل القرية المسماة جبى فرسا كميتا، فلم يجد سرجا ولا لجاما، فركبه بحبل وشنفه (6) بحبل ليف.
* * * قلت: هذا تصديق قول أمير المؤمنين عليه السلام، كأنه به قد سار في الجيش الذي ليس له غبار ولا لجب، ولا قعقعة لجم، ولا حمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام.
* * * قال أبو جعفر: وأول مال صار إليه مائتا دينار وألف درهم، لما نزل القرية المعروفة بالجعفرية، أحضر بعض رؤسائها وسأله عن المال فجحد، فأمر بضرب عنقه، فلما خاف

(1) في الطبري: " ومضى حتى وافى القادسية ".
(2) الطبري: " القوم ".
(3) الطبري: " وإلا ساغ ".
(4) الطبري: " وأعجلهم عن المسير، فصاروا إلى نهر ميمون راجعين، فأقام في المسجد الذي كان أقام فيه. في بدأته، وأمر بالرؤوس المحمولة، معه، وأمر بالاذان أبا صالح النوبي فأذن وسلم عليه بالإمرة، فأقام فصلى بأصحابه العشاء الآخرة، وبات ليلته بها، ثم مضى من الند حتى من بالكرخ... " (5) الأنزل: جمع نزل، وهو ما هيئ للضيف أن ينزل عليه.
(6) سنفه: شده بالسناف، وهو حبل يشد على رقبة البعير.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303