شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٣٧
أحضر له هذا القدر، وأحضر له ثلاثة برازين كميتا وأشقر وأشهب، فدفع أحدها إلى محمد بن سلم، والاخر إلى يحيى بن محمد، والاخر إلى مشرق غلام الخاقانية. ووجدوا في دار لبعض الهاشميين سلاحا فانتهبوه، فصار ذلك اليوم بأيدي بعض الزنج سيوف وآلات وأتراس.
قال أبو جعفر: ثم كانت بينه وبين من يليه من أعوان السلطان كالحميري، ورميس وعقيل وغيرهم وقعات، كان الظفر فيها كلها له، وكان يأمر بقتل الأسرى، ويجمع الرؤوس معه، وينقلها من منزل إلى منزل، وينصبها أمامه إذا نزل، وأوقع الهيبة والرهبة في في صدور الناس بكثرة القتلى، وقلة العفو، وعلى الخصوص المأسورين، فإنه كان يضرب أعناقهم ولا يستبقى منهم أحدا.
قال أبو جعفر: ثم كان له مع أهل البصرة وقعة بعد ذلك سار يريدها في ستة آلاف زنجي، فاتبعه أهل الناحية المعروفة بالجعفرية ليحاربوه، فعسكر عليهم فقتل منهم مقتلة عظيمة، أكثر من خمسمائة رجل، فلما فرغ منهم صمد نحو البصرة واجتمع أهلها ومن بها من الجند، وحاربوه حربا شديدا، فكانت الدائرة عليه، وانهزم أصحابه، ووقع كثير منهم في النهرين المعروفين بنهر كثير ونهر شيطان، وجعل يهتف بهم ويردهم ولا يرجعون، وغرق من أعيان جنده وقواده جماعة منهم أبو الجون، ومبارك البحراني وعطاء البربري، وسلام الشامي، فلحقه قوم من جند البصرة، وهو على قنطرة نهر كثير، فرجع إليهم بنفسه، وسيفه في يده، فرجعوا عنه، حتى صاروا إلى الأرض وهو يومئذ في دراعة (1) وعمامة ونعل وسيف وفي يده اليسرى ترس، ونزل عن القنطرة فصعدها البصريون يطلبونه، فرجع إليهم، فقتل منهم رجلا بيده على خمس مراق من القنطرة، وجعل يهتف بأصحابه، ويعرفهم مكانه، ولم يكن بقي معه في ذلك الموضع من أصحابه

(1) الدراعة: جبة مشقوقة من المقدم، وهو ضرب من الثياب.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303