شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٣٠
تغلب، وكان تاجرا من أهل هجر وبعض موالي بنى حنظلة، أسود يقال له سليمان ابن جامع، وكان قائد جيشه حيث كان بالبحرين.
ثم تنقل في البادية من حي إلى حي، فذكر عنه أنه كان يقول: أوتيت في تلك الأيام آيات من آيات إما متى، منها أنى لقيت سورا من القرآن لم أكن أحفظها، فجرى بها لساني في ساعة واحدة منها " سبحان " و " الكهف " و " صاد "، ومنها أنى ألقيت نفسي على فراشي، وجعلت أفكر في الموضع الذي أقصد له، وأجعل مقامي به إذا نبت البادية بي.
وضقت ذرعا بسوء طاعة أهلها، فأظلتني سحابة، فبرقت ورعدت، واتصل صوت الرعد منها بسمعي، فخوطبت فقيل لي: اقصد البصرة، فقلت لأصحابي وهم يكتنفونني: إني أمرت بصوت من هذا الرعد بالمصير إلى البصرة.
وذكر عنه أنه عند مصيره إلى البادية أوهم أهلها أنه يحيى بن عمر أبو الحسين (1) المقتول بناحية الكوفة في أيام المستعين، فاختدع بذلك قوما منهم، حتى اجتمع عليه منهم جماعة، فزحف بهم إلى موضع من البحرين، يقال له الردم، فكانت بينه وبين أهله وقعة عظيمة كانت، الدبرة (2) فيها عليه وعلى أصحابه، قتلوا فيها قتلا ذريعا فتفرقت عنه العرب وكرهته، وتجنبت صحبته.
فلما تفرقت العرب عنه ونبت به البادية، شخص عنها إلى البصرة، فنزل بها في بنى ضبيعة فاتبعه بها جماعة، منهم علي بن أبان المعروف بالمهلبي من ولد المهلب بن أبي صفرة، وأخواه محمد والخليل وغيرهم، وكان قدومه البصرة في سنة أربع وخمسين ومائتين

(١) هو يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، خرج في أيام المتوكل، وقتل في أيام المستعين سنة ٢٥٠، ورثاه الشعراء. قال أبو الفرج: وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثى بأكثر مما رثى به يحيى، ولا قيل فيه الشعر بأكثر مما قيل فيه. وانظر أخباره في مقاتل الطالبيين 639 - 664.
(2) في الطبري: " الدائرة "، وهما بمعنى.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303