وعامل السلطان بها يومئذ محمد بن رجاء، ووافق ذلك فتنة أهل البصرة بالبلالية والسعدية فطمع في أحد الفريقين أن يميل إليه، فأرسل أربعة من أصحابه يدعون إليه، وهم محمد ابن سلم القصاب الهجري وبريش القريعي وعلى الضراب، والحسين الصيدناني، وهم الذين كانوا صحبوه بالبحرين فلم يستجب لهم أحد من أهل البلد، وثار عليهم الجند فتفرقوا، وخرج علي بن محمد من البصرة هاربا، وطلبه ابن رجاء فلم يقدر عليه وأخبر ابن رجاء بميل جماعة من أهل البصرة إليه، فأخذهم فحبسهم وحبس معهم زوجة على ابن محمد، وابنه الأكبر، وجارية له كانت حاملا، ومضى علي بن محمد لوجهه يريد بغداد ومعه قوم من خاصته، منهم محمد بن سلم، ويحيى بن محمد، وسليمان بن جامع، وبريش القريعي، فلما صاروا بالبطيحة، نذر بهم بعض موالي الباهليين، كان يلي أمر البطيحة، فأخذهم وحملهم إلى محمد بن أبي عون وهو عامل السلطان بواسط، فاحتال لابن أبي عون حتى تخلص هو وأصحابه من يده، ثم صار إلى بغداد فأقام بها سنة، وانتسب في هذه السنة إلى محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد، وكان يزعم أنه ظهر له أيام مقامه ببغداد في هذه السنة آيات، وعرف ما في ضمائر أصحابه وما يفعله كل واحد منهم، وأنه سأل ربه أن يعلمه حقيقة أمور كانت في نفسه، فرأى كتابا يكتب له على حائط، ولا يرى شخص كاتبه.
* * * قال أبو جعفر: واستمال ببغداد جماعة منهم جعفر بن محمد الصوحاني، من ولد زيد ابن صوحان العبدي، ومحمد بن القاسم وغلامان لبني خاقان (1)، وهما مشرق ورفيق، فسمى مشرقا حمزة وكناه أبا أحمد، وسمى رفيقا جعفرا وكناه أبا الفضل: فلما انقضى عامه ذلك ببغداد، عزل محمد بن رجاء عن البصرة، فوثبت رؤساء الفتنة بها من البلالية والسعدية،