وكذلك قوله: (ووقفتكم على حدود الحلال والحرام) من باب الاستعارة أيضا، مأخوذ من حدود الدار وهي الجهات الفاصلة بينها وبين غيرها.
قوله: (وألبستكم العافية من عدلي) استعارة فصيحة، وأفصح منها قوله: (وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي)، أي جعلته لكم فراشا، وفرش هاهنا: متعد إلى مفعولين، يقال:
فرشته كذا أي أوسعته إياه.
ثم نهاهم أن يستعملوا الرأي فيما ذكره لهم من خصائص العترة وعجائب ما منحها الله تعالى، فقال: (إن أمرنا أمر صعب لا تهتدي إليه العقول، ولا تدرك الابصار قعره، ولا تتغلغل الأفكار إليه. والتغلغل: الدخول، من تغلغل الماء بين الشجر، إذا تخللها ودخل بين أصولها.
* * * الأصل ومنها:
حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بنى أمية، تمنحهم درها. وتوردهم صفوها، ولا يرفع عن هذه الأمة سوطها ولا سيفها، وكذب الظان لذلك، بل هي مجة من لذيذ العيش يتطعمونها برهة، ثم يلفظونها جملة.
* * * الشرح:
معقولة: محبوسة، بعقال، كما تعقل الناقة. وتمنحهم: تعطيهم، والمنح: العطاء، منح يمنح بالفتح، والاسم المنحة بالكسر، واستمنحت زيدا: طلبت منحته.
والدر في الأصل: اللبن، جعل الدنيا كناقة معقولة عليهم تمنحهم لبنها، ثم استعمل الدر