ما يتذاكران من أمرها: إن كنت صادقا، فقل لها: فلتدهنك بدهن النجاشي الذي لا يدهن به غيره، فإني أعرفه، وائتني بشئ منه حتى أصدقك، قال: أفعل.
فجاء في بعض ما يدخل إليها، فسألها ذلك، فدهنته منه، وأعطته شيئا في قارورة، فلما شمه عمرو عرفه، فقال: أشهد أنك قد صدقت! لقد أصبت شيئا ما أصاب أحد من العرب مثله قط، [ونلت من (1)] امرأة الملك [شيئا (1)] ما سمعنا بمثل هذا. وكانوا أهل جاهلية وشبانا، وذلك في أنفسهم فضل لمن أصابه وقدر عليه.
ثم سكت عنه (2 حتى اطمأن، ودخل على النجاشي 2)، فقال: أيها الملك، إن معي سفيها من سفهاء قريش، وقد خشيت أن يعرني (3) عندك أمره، وأردت أن أعلمك بشأنه، وألا أرفع ذلك إليك حتى أستثبت أنه قد دخل على بعض نسائك فأكثر. وهذا دهنك قد أعطته وادهن به.
فلما شم النجاشي الدهن قال: صدقت، هذا دهني الذي لا يكون إلا عند نسائي، فلما أثبت أمره، دعا بعمارة، ودعا نسوة أخر فجردوه من ثيابه، ثم أمرهن أن ينفخن في إحليله، ثم خلى سبيله.
فخرج هاربا في الوحش، فلم يزل في أرض الحبشة، حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب، فخرج إليه رجال من بنى المغيرة، منهم عبد الله بن أبي ربيعه بن المغيرة، وكان اسم عبد الله قبل أن يسلم بجيرا، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله، فرصدوه على ماء بأرض الحبشة، كان يرده مع الوحش، فزعموا أنه أقبل حمر من حمر الوحش ليرد معها، فلما وجد ريح الانس، هرب منه، حتى إذا أجهده العطش، ورد فشرب حتى تملأ، وخرجوا في طلبه.