ولو أبدى لأمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القطم (١)، والسيف الخذم (٢)، ولا لعقه صابا، وسقاه سما، وألحقه بالوليد وعتبة وحنظلة، فكلهم كان أشد منه شكيمة، وأمضى عزيمة، ففرى بالسيف هامهم، ورملهم (٣) بدمائهم، وقرى الذئاب أشلاءهم، وفرق بينهم وبين أحبائهم: (أولئك حصب جهنم هم لها واردون)، وهل (تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا، ولا غرو إن ختل، ولا وصمة إن قتل، فإنا لكما قال دريد بن الصمة:
فإنا للحم السيف غير مكره * ونلحمه طورا وليس بذي نكر (٤) يغار علينا واترين فيشتفي * بنا إن أصبنا، أو نغير على وتر فقال المغيرة بن شعبة: أما والله لقد أشرت على على بالنصيحة فآثر رأيه، ومضى على غلوائه، فكانت العاقبة عليه لا له، وإني لأحسب أن خلقه يقتدون بمنهجه.
فقال ابن عباس: كان والله أمير المؤمنين عليه السلام أعلم بوجوه الرأي ومعاقد الحزم، وتصريف الأمور، من أن يقبل مشورتك، فيما نهى الله عنه، وعنف عليه، قال سبحانه:
﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...﴾ (5) إلى آخر الآية، ولقد وقفك على ذكر مبين، وآية متلوة قوله تعالى (وما كنت متخذ المضلين