عضدا) (1)، وهل كان يسوغ له أن يحكم في دماء المسلمين وفئ المؤمنين، من ليس بمأمون عنده، ولا موثوق به في نفسه؟ هيهات هيهات! هو أعلم بفرض الله وسنة رسوله أن يبطن خلاف ما يظهر إلا للتقية، ولات حين تقية! مع وضوح الحق، وثبوت الجنان، وكثرة الأنصار، يمضى كالسيف المصلت في أمر الله، مؤثرا لطاعة ربه، والتقوى على آراء أهل الدنيا.
فقال يزيد بن معاوية. يا بن عباس، إنك لتنطق بلسان طلق ينبئ عن مكنون قلب حرق، فاطو ما أنت عليه كشحا، فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم.
فقال ابن عباس: مهلا يزيد، فوالله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت بالعداوة (2) عليكم، ولا دنت بالمحبة إليكم مذ نأت بالبغضاء عنكم، ولا رضيت اليوم منكم ما سخطت بالأمس من أفعالكم، وإن تدل الأيام نستقض ما سد عنا، ونسترجع ما ابتز منا، كيلا بكيل، ووزنا بوزن، وإن تكن الأخرى فكفى بالله وليا لنا، ووكيلا على المعتدين علينا.
فقال معاوية: إن في نفسي منكم لحزازات يا بني هاشم، وأنى لخليق أن أدرك فيكم الثار، وأنفى العار، فإن دماءنا قبلكم، وظلامتنا فيكم.
فقال ابن عباس: والله إن رمت ذلك يا معاوية لتثيرن عليك أسدا مخدرة، وأفاعي مطرقة، لا يفثؤها كثرة السلاح، ولا يعضها نكاية الجراح، يضعون أسيافهم على عواتقهم، يضربون قدما قدما من ناوأهم، يهون عليهم نباح الكلاب وعواء الذئاب،